نعم لو كان الفرد المردد بين الخارج والمخرج منه في المثال ، مسبوقاً بحالة العدالة ، أو عدم الفسق ، أو بالفسق ، حكم بلحوق حكم العام له في الأوّل ، وبلحوق حكم الخاص له ، في الثاني ، لا من جهة التمسّك بالظهور ، بل من جهة الاستصحاب الموضوعي وهذا أمر واضح لا سترة فيه أصلاً.
وإن توهّم الخلاف بعض الفقهاء من المتاخرين نظراً إلى : أن عدم الحكم بلحوق حكم العام له ، يوجب زيادة الخارج من العام وكثرته ومقتضى العموم قصر الحكم بالخروج على ما علم خروجه منه.
وهذه كما ترى شبهة واضحة الدّفع بعد التأمّل فيما ذكرنا هنيئة ؛ ضرورة أنّه على تقدير الخروج ، لم يكن مخرجاً بمخرج آخر حتّى يشكّ في زيادة الخروج ، والمخصّص الوارد من المولى ، أو إلى إنّ عنوان العام من قبيل المقتضي وعنوان الخاص من قبيل المانع ، فاذا شكّ في صدق عنوان الخاص بعد العلم بصدق عنوان العام كما هو المفروض يحكم بعدمه ، كما عليه بناء العقلاء ، في جميع. ما كان التردد فيه من هذا القبيل ، لوضوح فساده ، مضافاً إلى عدم اطّراده بالنسبة ، إلى التخصيص بالمخصّصات المتصلة ، كما تبيّن في محلّه ، وإلى عدم استقامته فيما تردّد الموجود الخارجي ، بين المانع ، وغيره ، كما هو المفروض ، إلَّا فيما كان له حالة سابقة مستصحبة ، كما أشرنا إليه فيما مثّلناه لك ، وسنوضح لك القول فيه : بأنّه لا تعلّق له بالتمسّك بالعموم ، والظهور اللفظي أصلاً ، كما لا يخفى ، على ما هو المقصود بالبحث. فإذا ورد من الشارع مثلاً : لا صلاة إلَّا بطهور (١) أو «لا تجوز الصّلاة (٢) ، فيما لا يؤكل لحمه ، أو لا يقبل الله الصّلاة فيه» ومثلاً : شكّ المكلّف في كونه محدثاً ، أو متطهّراً ، أو فيما يلبسه ، أنّه ممّا يؤكل لحمه ، أو من غيره ، وقلنا بمقالة الأعمّي في الفاظ العبادات ، مع اجتماع شرائط التمسك بالمطلق ، في إطلاقات الصلاة ، فلا معنى للتمسك بإطلاق الأمر بالصلاة ، للحكم بصحّة الصلاة
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٥٨ / ١٢٩ ، التهذيب ١ : ١٤٤ / ٧.
(٢) عوالي اللئالي ١ : ٣٤٦ / ١٢٥.