ودعوى الفرق بين الأزمنة مع ما ترى من جزم من يقارب عصرنا بل اكثر معاصرينا بالمنع ، كما ترى.
هذا كلّه مضافاً إلى ما عرفت من غفلة غالب المكلفين عن حال الموضوع ، أو علمهم ، أو اطمينانهم بالحال ؛ فكيف يدعى مع ذلك ، لزوم الحرج. وقياس المقام بالاحتياط الكلي على تقدير انسداد باب العلم في غالب
الاحكام كما ترى ، سيّما مع ما نبني الأمر عليه من عدم لزوم الإعادة والقضاء ، على تقدير حصول العلم. يكون اللباس من غير المأكول بعد العمل ، فيما ، كان غافلاً حال العمل ، فضلاً عما لو عرض له الشك بعد العمل.
هذا ما عرفت في طي المقدمات في تحقيق حال القاعدة وأنّها تتبع الحرج الشخصي ، فيما كان علة ، فلو فرض حرج في حق شخص فلا يتعدى الحكم عنه إلى غيره ، ممن لا يلزم من الاجتناب عليه حرج أصلاً.
فان قلت : إن المنع عن اللباس المشتبه لا يختص باحتمال كون تمامه من غير المأكول ، بل يعمه واحتمال كون بعضه من غير المأكول ، ولو كان قليلاً في غاية القلة ، ولو كان شعره بل ، ولو كان الامتزاج من غير التفات من صانع اللباس ؛ إذ لا حالة سابقة للباس بالفرض حتى يجري فيه الأصل الموضوعى ، فعلى هذا لا بدّ من أن يمنع ، من لبس جميع ما يصنع في بلاد الإسلام أيضاً ، سيما بالنسبة إلى ما يصنع من الصوف والوبر والشعر ؛ إذ احتمال الخلط والمزج من شعرات مثل الهرة والسمور والفأرة ، في مواد الألبسة ، موجود لا رافع له ، فيلزم من المنع وقوع الناس في حرج شديد جداً لا يجوز إنكاره ، وليس موضوع الكلام مختصاً بما يحمل من بلاد الكفر ، بل اعم منه وممّا يصنع في بلاد الإسلام ؛ إذ الموضوع هو اللباس المشتبه ، والمفروض عدم اعتبار يد المسلم وسوق الإسلام في مفروض البحث ؛ فكيف يمنع من لزوم الحرج والحال هذه؟ قلت : موضوع البحث وإن شمل وعم جميع صور الاحتمال إلَّا أنّه يمكن الفرق بأنه فيما لو علم كون بناء النسج والصنع من المأكول ؛ إلَّا أنّه يحتمل ضعيفاً الخلط من غيره ،