من اللغويّين ، أو لا ، كما صرّح به العلّامة الطباطبائي (١) في المنظومة ، وفقيه عصره في الكشف (٢) وغيرهما؟ وجهان ، ستقف على شرح القول فيه.
وكيف كان لا إشكال في أنه مع وضوح المراد منه ، في الجملة ، لم يعلم بحقيقته ، وكنهه ، وحدّه ، كأكثر المفاهيم اللغويّة والعرفية ، بل كلّها إلّا ما شذّ وندر ؛ حيث أنّها مع وضوحها في الجملة بحسب اللّغة والعرف ، وقع الاشتباه فيها كثيراً ، من جهة عدم الاحاطة بحقيقتها ، وهو ظاهر لمن كان له أدنى خبرة ، ألا ترى إلى لفظ الماء ، فإنه مع كمال ظهور مفهومه بين الالفاظ ، حتّى اقتصروا في بيانه : بأنّه : واضح معروف ، ربّما يشكّ في بعض أقسامه وصغرياته ، من جهة الشبهة المفهوميّة ، ولذا قد يتردّد الأمر بين الاضافة ، والاطلاق ، من جهة الاشتباه المفهومى.
ومن هنا وقع الاشتباه ، في صدق الإناء في موارد ، من جهة عدم الإحاطة بمفهومه وإن كان الحكم بحسب الاصول العمليّة ، عند الشكّ واضحاً ، فيما دار أمر المفهوم ، بين ما ينطبق على خصوص القدر المتيقن ، أو الأعمّ منه ومن المشكوك ، فإنّه من دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليّين ، في الشبهة التحريمية ، فيرجع إلى البراءة ، باتفاق المجتهدين ، كما ستقف على شرح القول فيه ، وإن كان الرجوع إلى الأصل مشروطاً بفحص الفقيه عن مراد الشارع ، كما هو الشأن في الرجوع إلى الاصل في جميع موارد اشتباه المراد بل جميع موارد اشتباه الحكم الشرعي ، فإنّه كثيراً ما يعلم المراد من اللفظ الواقع في موضوع الحكم ، من جهة الأمارات ، والقرائن ، مع عدم مساعدة اللفظ عليه بنفسه ، بل مع ظهوره في الحلاف.
ومن هنا اختلف الفقهاء ، في كثير من الصّغريات والموضوعات ، من جهة الاختلاف في صدق الإناء عليها ، بين معمّم ومخصّص ومتوسّط ، ولذا اقتصر بعضهم ، بما يتعارف منه الاكل والشرب ، وإن احتمل كون التخصيص ، من حيث قصر الحكم ،
__________________
(١) المنظومة : ٦٠.
(٢) كشف الغطاء ٢ : ٣٩٢.