وضيق ، وإن كان هناك ما هو أضيق منه ، فالحرج لا يوجب ترك الإقدام دائماً وكلّية وإنّما يوجب صعوبته ، وإن وجد ما يوجب الإقدام من الدّواعي الخارجيّة القويّة ، فإن كان هناك فعل تكون في نوعه هذه المشقة والضيق كالجهاد ، وتسليم النّفس وتمكينها من الحدود والقصاص ونحو ذلك ، وورد الإلزام به في الشّرعيات ، لم يكن مناص ، عن رفع اليد في مورده ، عن دليل نفي الحرج ، وإن كان هناك فعل لا يلازم بحسب نوعه المشقّة الشّديدة ، إلّا أنّه قد يوجد فيه الحرج من جهة العوارض الزّمانيّة ، أو المكانيّة ، أو حالات المكلّف كالضّعف والمرض ونحوهما ، لا ما يرجع إلى خسّة النّفس ودنائتها ونجلها فيرفع اليد ، عن عموم تكليفه ؛ بدليل نفي الحرج ، وقد يوجد هناك في نوع فعل ، أو فيه بحسب العوارض المذكورة مقدار من المشقّة ومرتبة من الشّدة ، لا يعلم صدق الحرج عليها بحسب الحقيقة العرفيّة ، من حيث غموضه وكثرة مراتب الشدّة ضعفاً وقوّةً ؛ فلا معنى للتمسّك بالنّسبة اليه بعمومات القاعدة ، بل لا بدّ من الرّجوع إلى دليل التّكليف ، سيّما بالنّسبة إلى الأوّل فإنّه مع العلم بصدق الحرج ، يلتزم بثبوته على ما عرفت ، فكيف حاله مع الشكّ في الصّدق.
وهذا جار بالنّسبة إلى جميع موارد تعلّق الحكم بالموضوعات اللّغوية والعرفيّة فانّ وضوحها في الجملة وصدقها على سبيل القطع واليقين كذلك ، لا يوجب الإحاطة بحقيقتها بما هي عليها.
ومن هنا يقع الشكّ كثيراً ، من جهة المفهوم بالنّسبة إلى أوضح المفاهيم العرفيّة ، كالماء والاناء ونحوهما ، ومن هنا قالوا بحجيّة قول اللّغوي في اللغات مع عدم اجتماع شروط الشّهادة ، بل مطلق الظّن فيها من حيث استلزام عدمها ، من جهة كثرة الحاجة ، سدّ باب الاستنباط والحكم في جميع موارد الاشتباه ، من حيث الرّجوع ، إلى الاصول اللّفظيّة إن وجدت ، أو العمليّة إن لم توجد.
نعم لو شكّ في المقام أو غيره في الصّدق ، لا من جهة المفهوم ، بل من جهة اشتباه الامور الخارجيّة لم يكن معنى للرّجوع إلى الاصول اللّفظية ، بل يتعيّن الرّجوع إلى