بل الدّليل الدّال على زيادة الأجر ناطق على بقاء المشقّة ، وإلّا لزم ما يشبه الدّور فتأمّل.
كدعوى سهولة بذل النّفوس ؛ لداعي تبعيّة الرّئيس من المخلوق وإعانته وتنفيذ حكمه وإجراء أمره ومقتضيات نفسه ، فكيف بذلها لإطاعة أمر الخالق جلّ شأنه ، وتنفيذ حكم أوليائه صلوات الله عليهم ، والمجاهدة مع اعدائهم ؛ فانّه بعد قطع العلائق الدّنيويّة ، بمجاهدة النّفس والتّمكين من القتل والاسر والحرج والذّل ، الّتي دونها خرط القتاد.
وصريح جماعة عدم وقوعه في شرعنا أصلاً ، نظراً إلى ظواهر الآيات والأخبار المتقدّمة الحاكية ، عن اختصاص رفع الحرج بالأمّة المرحومة ، وأنّه من فضل الله تبارك وتعالى على نبيّنا صلوات الله عليه وعلى آله الطّاهرين ، من بين سائر الأنبياء على نبيّنا وآله عليهمالسلام.
ودعوى الفرق بالقلّة والكثرة ، كدعوى اختصاص المرفوع بخصوص الأمور الشّاقة الثّابتة في الامم السّابقة.
كما ترى إذا الدّعويان ، سيّما الأخيرة ممّا يأباه سياق ، أكثر ما دلّ على نفي الحرج إن لم يأبه كلّه ، وتوجيه موارد وقوعه في شرعنا ، في الموارد الّتي عرفت الإشارة إليها ، بنحو من التّوجيه المخرج لها ، عن عنوان الحرج.
قال بعض أفاضل معاصرينا (١) ، في فصوله بعد ذكره الإشكال على ظواهر أدلّة نفي الحرج ، بلزوم الخروج عنها ، بالجهاد الثّابت في هذه الشّريعة ؛ بالضّرورة وأمثاله ، ما هذا لفظه : «والجواب أنّ المعتبر في المقام ، ما يكون فيه حرج وضيق على أغلب الأنام فلا عبرة بالنّادر منهم نفياً وإثباتاً ، ولا ريب أنّ الاقتحام في الحروب ممّا يستسهله ويتعاطاه أكثر النّاس ؛ لدفع العار ، عن نفسه ، وحماية ماله ومن ينتسب إليه من أهله
__________________
(١) الفصول : ٣٣٤.