فإنّه ليس بأسهل من الجهاد الأكبر وإن كان وجوبه كفائيّاً ، لعدم الفرق على ما ستقف عليه في فروع المسألة بين أقسام الواجب في الجملة.
ودعوى أنّ مزاولة العلوم ليست باشقّ من أكثر ما يتعاطاه النّاس من الحرف والصّنائع الشّاقّة لأمر معاشهم.
ممّا لا يصدر إلّا ممّن لم يتعب نفسه لتحصيل الملكة التّامّة ، الموقوفة على مشقّة كثيرة ، من طلبة عصرنا وأمثالهم ممّن يزعم سهولة أمر الاجتهاد وإلّا فاهله معترفون بكونه في كمال الحرج والمشقّة ، ونسأل الله عزوجل التّوفيق لتحصيله مع العمل بلوازمه ، وكذا الصبر على المصائب والبلايا العظيمة ، كفوت الولد ، وأحبّ النّاس إلى الشّخص ، وعدم صدور ما يسخط الرّب عن الانسان ، ونذر الامور العسرة ، كالمشي إلى بيت الله [الحرام] ، وصوم الدّهر ، وإحياء الليالي ، على ما عليه جماعة من انعقاده ، والحج متسكعاً لمن زالت استطاعته بالتّقصير بعد استقرار الحجّ عليه إلى غير ذلك.
ودعوى ، عدم الحرج في الأمور المذكورة ، من حيث أنّ ملاحظة كثرة الثّواب وزيادة الأجر الموعود في الأعمال الشاقة يوجب سهولة الفعل.
فاسدة ، حيث إنّ الملاحظة المذكورة وأن صارت داعية على الإقدام على الفعل الشّاق في حقّ بعض النّفوس ، إلَّا أنّه لا يوجب انقلاب الفعل عمّا هو عليه من المشقّة ، ومن هنا استدعى الأولياء الخصيّصون عدم الابتلاء بالبلايا. ويكفيك شاهداً ما أفاده ثاني الشّهيدين قدسسرهما ، في رسالة مسكّن الفؤاد. بعد ما ذكر من الأجر على الصّبر على فوت الولد من الاستيجار إلى الله تعالى من عدم الابتلاء : وأمّا ما روي في حقّ أصحاب الطّف وحواريّي سيّدنا ومولانا أبي عبد الله الحسين عليه وعلى أبيه وأمّه وأخيه وولده وأحبّائه وأصحابه وأهله ألف الصّلاة والسّلام : من مسابقة بعضهم على البعض ، في الشّهادة فإنّما هو بعد التّصميم على القتل ، من جهة رؤية مقامهم في الجنّة بإراءته عليهالسلام ، غبّ الجهاد الاكبر وموتهم ، قبل الموت والشّهادة وقطع جميع العلائق الدّنيويّة ، الّذي هو أعظم بمراتب من الجهاد.