الاصحاب أيضاً ، حيث أنّهم يقدّمونها ، على عمومات التّكليف من غير التّشبّث بمرجّح.
هذا كلّه ، مضافاً إلى أنّ قوله عليهالسلام في رواية عبد الاعلى (١) : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يدلّ على كون تقدّمها ذاتيّاً بحيث لا مجال للرّيب فيه أصلاً كما لا يخفى.
هذا كلّه ، مضافاً إلى أنّه على تقدير التّعارض ، لا معنى لا يكال ، التّقديم وتعليقه ، على المرجّح الخارجي ؛ لأنّ سوقها في مقام الامتنان يكفي مرجّحاً من حيث إيجابه لقوّة دلالتها. وإلى أخصيتها حكماً من عمومات التكاليف بعد تخصّصها ، بما دلّ على ثبوت العنوانات الحرجيّة في الشريعة ، كالجهاد ونحوه ، بناءً على أظهريّة العامّ المخصّص ، من العام ، الغير المخصّص بملاحظة شيوع التّخصيص ، فتأمّل.
هذا مع أنّ تعارضها ليس مع عام واحد ، بل مع جميع عمومات التّكاليف ، فلو بني على تقديم العمومات عليها ، لزم طرحها رأساً وهو كما ترى. وتخصيص بعض العمومات بالمعارضة مع أنّه ترجيح بلا مرجّح ، لا محصّل له أصلاً كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر ، تطرّق المناقشة إلى ما تكرّر في كلام الفاضل النّراقي قدسسره من إيقاع التّعارض بينها وبين العمومات والرجوع إلى المرجّحات.
قال : في العوائد ، في البحث الخامس : وإذ عرفت ما ذكرنا لك ، في المقام. فاعلم إنّ وظيفتك في الأحكام بالنّسبة إلى أدلّة نفي العسر والحرج ، مثل وظيفتك في ساير العمومات.
فتعيّن ، أوّلاً : معنى العسر والحرج ، وتحكم بانتفائهما في الأحكام عموماً ، إلّا ما ظهر له مخصّص ، وتتفحّص عن مخصصات أدلّة نفي الحرج والعسر ، فان ظهر له معارض أخصّ منها مطلقاً تخصّصها به ، وإن كان أخصّ من وجه ، أو مساوياً لها فتعمل فيها بالقواعد المرجّحة ، ومع انتفاء التّرجيح ترجع إلى ما هو المرجع عند اليأس عن
__________________
(١) العوائد : القاعدة ١٩ في بيان نفي العسر والحرج : ١٩٤.