وما قيل من أنّ كونه واجباً على الكفاية لا ينافي كونه منصباً ومتوقّفاً على إذن خليفة الله تعالى كما في غسل الميت وتجهيزه حيث إنّهما مع وجوبهما على الكفاية يتوقّفان على إذن ولي الميت ، ربما ينظر فيه بأنّ الخطاب في غسل الميت مثلاً إنّما تعلّق أوّلاً بجميع المكلّفين ، غاية ما هناك كون الاستيذان من الولي عند التمكّن شرطاً لصحّة العمل ممّن يقوم به ، وإن استشكل في اعتبار إذن الولي بل منعه بعض الفقهاء مع الالتزام بالوجوب على الكفاية من جهة التنافي بينهما. وهذا بخلاف المقام ، فإنّ كون القضاء منصباً للخليفة بحسب الجعل الأوّلي لا يجامع كونه على الكفاية. وحمل كلامهم على صورة إذنه عليهالسلام لعنوان عام أو نصبه عليهالسلام له بحيث ينطبق على الواجب الكفائي ، كما ترى. كحمله على عدم إرادة الواجب الكفائي بالمعنى المصطلح من إطلاقه في المقام بل ما يشابهه من حيث حصول الغرض منه من السياسة بقيام من به الكفاية ممّن نصبه الخليفة.
ودفع هذا الإشكال كما ترى في غاية الإشكال. وأشكل منه دفع الإشكال الأوّل.
نعم ، ثبوته في حكم العقل من حيث السياسة النوعية لا ينافي كونه منصباً للولي الّذي كان غاية لخلق العالم كما هو ظاهر.
الثاني : أنّه لا إشكال بل لا خلاف في أنّ مقتضى الأصل والقاعدة الأوّلية على القول بكون القضاء منصباً هو البناء على عدم الثبوت عند الشك في أصله أو بعض خصوصياته وضعاً بل تكليفاً أيضاً ، بل الأمر كذلك على القول بعدمه أيضاً بحسب الحكم الوضعي بل التكليفي أيضاً ، لأنّ جواز إلزام النّاس على ما لا يقتضيه تكليفهم نوع سلطنة عليهم ينفى بدليل نفي السلطنة لأحد على أحد إلّا من كان أولى من أنفس النّاس بهم.
كما أنّه لا إشكال بل لا خلاف أيضاً في أنّ مقتضى الأصل الأوّلي عند الشك في التقليد على أحد الوجهين البناء على عدم جوازه من حيث كونه مقتضى الأصل في كلّ ما شك في طريقيته واعتباره شرعاً بالنظر إلى الأدلّة الأربعة حسبما فصّل حقّه في