والخاص اصلا. والاستهجان المذكور ثابت في باب العام والخاص ، وليس ثابتا في باب المطلق والمقيد. فكثرة التقييد لا توجب وقوف اطلاق المطلق ، إلا أن تكون هي قرينة على ذلك أو صالحة للقرينة ، وبهذا يتضح الفرق بين كثرة التخصيص وكثرة التقييد (١).
إذا عرفت هذا فلنذكر الموارد التي هي خارجة عن قاعدة لا ضرر تخصيصا أو تخصصا ، وهي امور.
منها : الخمس والزكاة والكفارات وانفاق المال في الحج.
ومنها : افعال الحج والصوم. وفيه : إن الحج والصوم إذا حصل منهما الضرر فإن وصل إلى حد الحرمة حرم وبطل ، مع العلم والالتفات ، وإلا صح كما اسلفناه في التنبيهين الاول والثاني. ويزيد الصوم بأنه يجوز الافطار بمجرد الخوف ، للنص ، كما هو المختار.
ومنها : وجوب غسل الجنابة على متعمدها ، وهو يعلم بأنه يتضرر به. فإنه منصوص ، وقد عمل بهذه النصوص غير واحد من القدماء. وفيه : إن المشهور بنوا على عدم وجوب الغسل ، وهو الذي اخترناه في ذلك المبحث ، وانها معارضة على كثرتها ببعض النصوص.
ومنها : ما لو تعمد في الليل أكل ما يوجب الضرر بالصوم في النهار. وقد حكى أستاذنا الكاظمي الخراساني في الدرس أنهم أفتوا بجواز افطاره. وذكر هذا الفرض ، إنما يحسن في المقام إذا كان ثمة من يقول بعدم جواز افطاره. وهذا الفرع مع سابقه من واد واحد ، غاية الأمر أن الأول منصوص والثاني لا نعرف فيه نصا.
ومنها : ما لو وقعت نجاسة في أحد مائعين ثمينين كالسمن والعسل ، فإن اراقتهما ضرر على صاحبهما. ولا نظن أحدا يرخص بتناول أحدهما عملا بلا ضرر. أو أنه يستخرجه بالقرعة من أجل تدارك الضرر.
ويمكن أن يقال بأن النجاسات ، إن كانت أمورا واقعية كشف عنها
__________________
(١) هذا وما قبله يصلح قاعدة في بيان الفرق بين كثرة التقييد وكثرة التخصيص.