قلناه من إن التخيير هنا حكم عقلي لا شرعي.
إن قلت : يجوز للفقيه أن يفتي بما يعلم أو يظن بمقتضى اجتهاده أنه مطابق للواقع ولكن لا يجوز له أن يفتي في الظاهر بما يعلم بمخالفته للواقع ، وإن لم يستلزم مخالفة عملية ، قلت قد عرفت آنفا إن ما نحن فيه ليس من الفتوى في شيء ، مضافا إلى إن ما ذكره هو محل النزاع ، فكيف يكون دليلا في قبال الخصم ، فهو مصادرة واضحة ـ (١) ـ.
٢٣ ـ قاعدة
في امكان خلو الواقعة
عن الحكم الظاهري وعدمه
قاعدة : هل الواقعة في الظاهر لا بد وأن تكون محكومة بحكم ، أو يمكن خلوها عن الأحكام. احتمالان .. ظاهر (الكفاية) في مبحث الضد ، و (الرسائل) في مسألة الدوران بين المحذورين من جهة فقد النص ، و (الآشتياني) في أوائل مبحث البراءة ، على ما أتخطره ، هو الثاني.
ويدل عليه إن موضوع الأحكام الظاهرية ، أو موردها هو الجهل والشك ، ومع الغفلة ينتفي الحكم الظاهري تبعا لانتفاء موضوعه أو مورده. ولا فائدة حينئذ في جعله إلا مصادفة موافقته ، وحينئذ فتكون مصادفته كمصادفة موافقة الواقع ، وهو كما ترى ، فإنه يستلزم تعدد الواقع لو كان مخالفا له ، ويكون مجزيا في التوصليات مع أنه مخالف للواقع.
ثم إن مخالفته تكون كمصادفة مخالفته الواقع ، وهو أيضا كما ترى لما مر ، مضافا إلى استحقاقه لعقابين لو كان مخالفا لهما ، ومن أجل هذا نقول باناطة جريان الأصول بحال الالتفات.
__________________
(١) انتهى مغرب الاحد في ٢٩ ذي القعدة سنة ١٣٧٥ ه.