الجهة التاسعة : في تنبيهات قاعدة لا ضرر.
التنبيه الأول : في أن الضرر المنفي هل هو الضرر الواقعي أو الاعتقادي احتمالان.
ومقتضى تعليق الحكم على عنوان ، هو أخذ ذلك العنوان موضوعا له بلا قيد ولا شرط ، وما نحن فيه كذلك.
نعم : لو قلنا بأن الألفاظ موضوعة لمعانيها المعلومة لا الواقعية ، كان مفاد الحديث نفي الضرر المعلوم. ولكن الصغرى ممنوعة إثباتا بل ثبوتا ، كما حرر في أوائل الأصول اللفظية. والتحقيق هناك أن اللفظ موضوع لطبيعة المعنى.
وتمهيدا للمقصود ينبغي أن يعلم أن تعنون الشيء بعنوان ثانوي يكون على ثلاثة أنحاء :
أولها : أن يكون بين العنوان والمعنون هو هوية تصحح حمله عليه بالحمل الشائع الصناعي ، كالقيام للتعظيم ، فإنه يصح أن يقال : القيام لزيد تعظيم له. ومن هذا النوع اللزوم في العقود ، والوجوب في الأحكام التكليفية. فإنه يصح أن يقال : لزوم البيع الغبني ضرر ، ووجوب الوضوء على المريض ضرر.
ثانيها : أن يكون مسببا توليديا ، كالضرر الحاصل للمريض من غسل العضو ، فإنه بملاحظة تسببه عن وجوبه يكون تسببا تشريعيا ، وبملاحظة تسببه عن فعل المكلف يكون تسببا تكوينيا.
ثالثها : أن يكون أثرا من آثاره التي لا تصح معها النسبة ولا الحمل ولا التعنون كالسنبل بالنسبة لحرث الأرض ، فإنه لا يصح أن يقال : الحرث صير الزرع سنبلا ، ولا يصح أن يقال : بذر الحب صير الزرع سنبلا ، مع أن السنبل أثر من آثارهما.
أما الأول فيصح تعلق التكليف به نفيا وإثباتا بلا عناية ، فيصح أن يقال : عظم زيدا أو لا تعظمه. ويقصد به الأمر بالقيام أو النهي عنه.
وأما الثاني : فيمكن تعلقه به بعلاقة السبب والمسبب بكلا نوعيه! مثلا