ومما ذكرناه يتضح أن الحكمة خلاف العلة
٣٠ ـ قاعدة
في الفرق بين التكليف المحال والتكليف بالمحال
إن امتناع التكليف ، إن كان لقصور في قدرة المولى ، سمي تكليفا محالا ، وإن كان لقصور في قدرة العبد سمي تكليفا بالمحال.
مثلا طلب جمع النقيضين من التكليف المحال لامتناع توجه الإرادة نحو الممتنع بالذات أو بالعرض ، بل لامتناع حصول إرادة للممتنع ، بل يلزم في مثل طلب جمع النقيضين كون الشيء مرادا وغير مراد ، وكون المولى مريدا وغير مريد. فعند ما يريد وجود احد النقيضين يكون مريدا لعدم الآخر ، وعند ما يكون مريدا لوجوده يكون مريدا لعدم الأول. فكل منهما يراد وجوده ويراد عدمه في آن واحد ، وهو تناقض ..
وهذا مبني على ملازمة إرادة وجود أحد النقيضين لارادة عدم الآخر والظاهر أن الأمر كذلك.
نعم ، هذا لا يجيء في الضدين ، فإن البعث إلى بعض ما يكون ممتنعا بالعارض ممكن ، كما في الضدين المتزاحمين إذا كان منشأ التزاحم سوء اختيار العبد ، وكما في أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطة إذا لم يستلزم التكليف المحال ، كتكليف المرأة أو الحاضر الصحيح بالصوم ، مع العلم بأنها ستحيض وبأنه سيمرض أو سيسافر. فلو علم العبد بذلك لم يجز له المبادرة بالافطار قبل حصول شرطه ، كما عليه الفتوى بحسب الظاهر. اللهم إلا أن يقال بانه مكلف بالصوم الانحلالي. وإنما يفطر في الجزء الذي فقد فيه الشرط ، وحينئذ لا تكون هذه المسألة ثمرة لأمر الآمر مع العلم بانتفاء الشرط وهو قريب ، وللتأمل فيه مجال .. ومن ثمراتها ، تكليف الكفار بالعبادات.
إذا عرفت هذا فاعلم أن المولى مرة يطلب من العبد جمع النقيضين وجودا أو عدما ، ولا ريب في كونه من التكليف المحال. وهو أيضا من التكليف