فرض أنه من باب التعارض تعين التساقط لاختصاص أدلة المرجحات ، بالخبرين كما هو موردها. مضافا إلى انصرافها عن مثل الفرض للخبرين على تقدير إطلاقها ومضافا إلى منع صدق التعارض بالنسبة لصدق الدليل الواحد على أحد مورديه ، حتى بناء على السببية. وهل معنى هذا إلا معارضة الدليل الواحد لنفسه ، والرواية الواحدة لنفسها وهو كما ترى. ومضافا إلى أن التخيير في الرواية من موارد التخيير في المسألة الأصولية. وهو هنا في القضية الخارجية. ومضافا إلى أن الخصومة لا ترتفع بالتخيير ، لأنه إن جعل لهما اختار كل منهما دفع الضرر عن نفسه ، إلا أن نقول بنفوذ اختيار السابق وهو كما ترى ، أو نقول بجعله للحاكم ، وقد مر ما فيه. فالمتعين التساقط والرجوع لقاعدة السلطنة ولحرمة تصرف صاحب الزرع في أرض غيره بإبقاء زرعه فيها :
وأما كون المورد ليس من باب التوارد ، فلأن التوارد يكون عند الشك في انطباق الدليل الواحد على أحد مورديه أو مصداقيه. وفي مثله يكون انطباقه على الأسبق حدوثا موجبا لتعين تقديمه عرفا.
وما نحن فيه ليس كذلك ، فإن انطباقه على المصداق الأول ممنوع ، لأنه خلاف المنة ، فلا يشمله حديث نفي الضرر لاختصاصه بما فيه منة ، ولو فرض جدلا انطباقه عليه ، ولم يتولد منه مصداق آخر محكوم لحديث نفي الضرر ، لأن لا ضرر تحكم على الأدلة الأولية ، ولا يتولد من حكومتها على سلطنة صاحب الأرض سلطنة لصاحب الزرع ، ليقال أنها محكومة لحديث نفي الضرر ، ثم يقال : إن هذه السلطنة مرفوعة بلا ضرر ، ثم يقال : إذا لزم من انطباق حديث نفي الضرر على مصداقه حدوث مصداق آخر له ضرري ، امتنع انطباقه عليه ، لأنه يلزم من انطباقه عليه عدم انطباقه على الأول ، فيلزم من وجود الشيء عدمه ، أو يكون نظير قول القائل : كل خبري كاذب.
التنبيه الخامس : في استعراض بعض الموارد التي يتوهم أنها من القاعدة ، أو من باب تزاحم الضررين ، وهي كثيرة.
منها : ما لو اجبره الظالم على هدم جدار بيته او لهم بئره ، او اجبره على