ترك القرينة قرينة على ذلك ، أو أنه ظاهر فيه بطبعه ، إما لانصرافه إليه ، وإما لاقتضاء طبع الواضع ، استعمال الألفاظ فيما وضعها له دون سائر المعاني.
وقد يدعى أن طريقة العقلاء وديدن الواضعين على ذلك ، ويكفي في إثبات هذا أدنى ملاحظة ، والبرهان على ذلك هو الوجدان ، فإذا تعذر الحمل على المعنى الشرعي حمل على المعنى العرفي ، والوجه في ذلك : أن الشارع واحد من أهل العرف ، وبعد فرض كونه حكيما في مقام البيان ولم يرد المعنى الشرعي ، يكون أحالنا عليهم لأنه يكلمهم بما أنه واحد منهم ، وإلا لزم الإجمال ، وهو خلف وإذا امتنع حمل الكلام على كلا المعنيين ، كما لو علمنا بذلك من قرينة أو غيرها ، تعين حمله على المعنى اللغوي لما مر ، وإذا لم نحرز كونه في مقام البيان ، ولم يقم لدينا برهان على ما مر ، ولم يبق لنا طريق لإحراز المراد ، تعين الرجوع إلى الأصول العملية بعد تعذر اللفظية ، والله العالم (١).
٧ ـ قاعدة
في ضابط مورد ترك الاستفصال
قاعدة : إذا وردت القضية الخارجية في لسان المعصوم (ع) مثلا ، لم يكن لها إطلاق ، لأن الإطلاق إنما هو في المفاهيم السارية والقضية الخارجية أمر متشخص له حدود واقعية لا يتعداها ، فتكون القضية حينئذ مجملة ، فيما إذا لم يكن موضوعها معلوم الحدود.
نعم ، لو وردت في لسان السائل ، وأجابه الحكيم ، ولم يطلب منه التفصيل عن حدود الفرد الخارجي ، دل ذلك على عدم مدخلية شيء من الحدود في الحكم. مثلا : لو قال السائل فأرة وقعت في الدهن وماتت فيه فقال المعصوم مثلا أرقه. كان دالا على أن موضوع هذا الحكم كل فأرة صغيرة أو كبيرة ، بيضاء أو سوداء ، واقعة في ليل أو نهار ، إلى غير ذلك من الانقسامات
__________________
(١) نقل عن مباني الفقيه للمؤلف من مبحث صيغة الأمر ، وكان قد حرر ليلة الثلاثاء ٢٤ ربيع الأول سنة ١٣٧٠ ه.