متعلق الحكم مصلحة أو مفسدة تقتضي طلبه أو الزجر عنه ، ويمكن أن يكون المراد بها الاقتضاء بمعنى العلة التامة. فإن الحكيم إذا لاحظ الشيء فوجد فيه مصلحة غير مزاحمة وترجح وجوده على عدمه ، أراده وإذا أراده وطلبه. فيكون الترجيح الواجد للشرط الفاقد للمانع ، هو المراد بالحكم الاقتضائي ، وهذا معنى لا سبيل لإنكاره. وعليه فإن أريد بالحكم الاقتضائي أحد هذين المعنيين ، ولا سيما الأخير ، فهو شيء حسن وله واقع.
وأما مرتبة الإنشاء فهي مرتبة الإظهار ، سواء كانت بالقول أو بالفعل أو بالتدوين أو بالإشارة (١).
وأما مرتبة الفعلية فالمراد بها علم المكلف بذلك ، وقد يحصل العلم بمجرد الإظهار ، فتقترن مرتبة الفعلية بمرتبة الإنشاء اقتران المعلول بالعلة ، وقد لا تقترن بها.
وأما مرتبة التنجز فالمراد بها علم المكلف بالحكم مع قدرته على الامتثال.
وهذه المراتب منتزعة من الملاحظات الآنفة ، ومترتبة طبعا ترتب المعلول على العلة ، لأجل ذلك يخفى الفرق بينها ، وقد ظهر مما مر أن الملاحظات الآنفة تستدعي كونها أربعة. وأما ما يوجد خارجا ويصح أن يسمى أمرا أو نهيا ، فإنما هو الإنشائي منها ، ومن ثم عرف به.
وبهذا يتضح الحال ولا ينفتح باب القيل والقال ، وتكون النتيجة تعددها وأنها أربعة وكل حكم يعلم به المكلف يكون فعليا ، وإذا فقد المانع من إيجاده صار منجزا ، والله العالم.
٢٦ ـ قاعدة
في خلو الواقعة عن الحكم الواقعي وعدمه.
قاعدة : الواقعة في الواقع ونفس الأمر لها حكم عندنا ، ويدل على ذلك أمور (٢) :
__________________
(١) وهذه المرتبة هي الطلب ، الذي يكون عقيب الإرادة ، وقد حققنا ذلك في مسودات (مباني الفقيه) في مباحث الألفاظ من الأصول ولا يخفي أننا قررنا إهمال هذا الكتاب.
(٢) قال في الرسائل في مبحث الظن في آخر الوجه الأول من وجوه السببية ما لفظه وقد تواتر ، بوجود