٤١ ـ قاعدة
في توضيح موارد أصالة العدم
اعلم : أن استعمال أصالة العدم كثير في الفقه ، وأن مواردها فوق حد الإحصاء ، وإن بعضها حجة بلا ريب ، وبعضها ليس حجة بلا ريب ، وبعضها الآخر محل خلاف ، واعلم أن الفرق بينهما يصعب على غير أهل الفضل.
أما : ما لا ريب في حجيته منها ، فهو الأصول العقلائية المشخصة للظهور الذي هو طريق لاحراز مراد المتكلم المسماة بالأصول اللفظية تارة ، وبالأصول العقلائية أخرى وهي أصالة عدم المخصص وعدم المقيد وعدم القرينة ، ويتبعها أصالة عدم الحذف وعدم التقدير ، وقد يعبر عن أصالة عدم المخصص بأصالة العموم ، وعن أصالة عدم المقيد بأصالة الاطلاق ، وعن الباقي بأصالة حجية الظهور ، وقد يعبر عنها الضعفاء بأصالة الحقيقة ، وهو غلط ، لأن الظهور لا علاقة له بالحقيقة كما ستعرفه ، والوجه في حجية هذه الأصول هو الدليل الدال على حجية ظواهر الكلام ، أعني استقرار طريقة العقلاء وتقرير الشارع لهم. فإن العقلاء يأخذون بظواهر الكلام بعد انتهاء المتكلم من بيان مراده ، ولا يعتنون باحتمال وجود ما يخالف ذلك الظاهر ، وقد انتزع العلماء عن ذلك عبارات تطابقه ، فقالوا : أصالة العموم أو عدم المخصص وأصالة الإطلاق أو عدم المقيد ، وأصالة عدم القرينة أو الظهور ، أو عدم الحذف أو عدم التقرير.
وينبغي التنبه : إلى أنه ان أريد بأصالة العدم الاستصحاب الشرعي ، كان من أوضح الأصول المثبتة ، وأن أريد به استصحاب عدم الحادث ، بمعنى العدم الأزلي أو النعتي ، فلا دليل على حجيته.
ومنها : أصالة عدم التكليف ، وهي قد تكون بمعنى استصحاب عدم التكليف بالنسبة لغير البالغ الذي يشك في بلوغه ، وقد يعبر عنها باستصحاب حال الصغر ، أو باستصحاب عدم البلوغ ، وحينئذ تكون من صغريات