ثم أعلم أن سقوط التكليف قد يحصل بالامتثال ، وقد يحصل بذهاب الموضوع كما لو وجب تغسيل الميت ، فجرفه السيل ، أو أكلته النار ، وقد يحصل بحصول الغرض منه كما في التوصليات ، كما لو كلف بتطهير الثوب لأجل الصلاة ، فأطارته الريح ، وانغمس في الماء الجاري ، أو طهره شخص آخر ، وقد يحصل السقوط بالعصيان في المضيقات.
وما نحن فيه ، بناء على المسقطية نوع آخر ، فإنه لا يندرج تحت واحد من الأمور الأربعة ، فلا تغفل.
٢٩ ـ قاعدة
في الفرق بين الاولوية ومفهوم الموافقة والمصالح المرسلة
والعلة المنصوصة وفي الفرق بين العلة المنصوصة والحكمة
الاولوية هي تأكد المناط في الحكم المشكوك بالنسبة للحكم المعلوم. فإن كان استناد الحكم الثابت للمناط قطعيا ، وكان التأكد قطعيا ، حصل القطع بالحكم الثاني. وإلا فهو ظني سواء كان الاستناد ظنيا أو التأكيد ظنيا. ومقتضى الأصل حرمة التعبد بالظن وعدم حجيته. ومن عمل بهذا الظن واعتمد عليه كان معتمدا على نوع من انواع القياس الباطل عندنا للاصل الآنف ، ولعدم الدليل ، وللنص الخاص. ويسميه الفقهاء تارة بالاولوية الظنية ، وأخرى بالقياس ، وثالثة بالاستحسان ، وإن كان الاستحسان أعم منه هذا.
وقد يراد بالأولوية العلة المستنبطة ، ثم قد يكون استنباطها بدعوى إدراك العلة ووحدتها في الموردين ، وقد يكون سبب استنباطها دعوى استفادتها من فحوى الكلام وقرائن المقام ، التي لم تبلغ مرتبة الحجية.
وأما مفهوم الموافقة فهو ثبوت الحكم من اللفظ لفرد خفي بحث يعلم دلالته على إرادة الأفراد الواضحة ، كما في قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ). فإنه لا يراد منه «الالف والفاء»، بل كل ما يكشف عن ضجره منهما. فالسباب