تأمل كما إن قوله (ع) وجعل يدفع ذلك ، يعني بالاعذار المتعارفة للناس اليوم ، أما المتحيل بالنذر قبل الاستطاعة ، فالظاهر إنه ليس داخلا في قوله وجعل يدفع ذلك.
٥٦ ـ قاعدة
تخصيص العام بمخصص مبين هل يقتضي
تعنونه بعنوان يخالف عنوان العام أو لا؟
يمكن أن يقال بأن دعوى معنونية الخاص للعام تشبه دعوى ثبوت مفهوم اللقب ، فإنهما من باب واحد ، مضافا إلى أن العرف لا يدرك الأنواع ، ولا الأجناس والفصول. والمدار في الأحكام على ما يستظهره العرف ، لا على ما لا يدركه العرف ، وهل يحسن من عاقل أن يتوهم أن الشارع خاطب أهل العرف بما لا يعرفونه ، أو بما لا يعرفه في عصره أحد .. فإن هذه الأمور من مختصات فلاسفة اليونان ، ثم نقلت إلينا بعد حين.
والتحقيق الذي لا مزيد عليه ، إننا لو سلمنا تنويع المخصص ، فإنما نسلمه في باب الماهيات الحقيقية المتقومة بجنس وفصل حقيقيين ، بناء على إدراك الفصول. وأما بناء على كون ما ندركه من خاصيات الفصول ولوازمها ، فلا مانع من ارتفاعها وبقاء الفصل إلا إذا كانت لازما غير مفارق ، وآنى لنا بإحراز ذلك.
وأما الماهيات الاعتبارية ، التي يكون أمرها بيد معتبرها ، ويكون فصلها وجنسها من سنخها ، فإن اللوازم الباطلة المتقدمة لا تتأتى فيها. ومن البديهي أن القضايا الشرعية أمور تابعة لاعتبار الشارع ، وأن العرف هو المرجع في تحديد متعلقاتها بعد فقد الحقيقة الشرعية ، وأنه لا طريق لإحراز مرادات الشارع من خطاباته إلا العرف. فإذا استظهرنا أن الخاص المعنون يكسب العام عنوانا ، لزم الأخذ به وإلا فلا .. ومن البديهي أيضا أن الفصل لا بد أن يكون وجوديا وإلا لزم تقوم الوجودي بالعدمي ، وهو محال للزوم اجتماع النقيضين ، وللزوم اتصاف العدمي بالوجود والوجودي بالعدم.