ساهد الحال على خلاف ذلك. وقد علل الشيخ عبد الكريم القمي (ره) وهن الخبر الصحيح بالأعراض في صلاته في أول مبحث القراءة في الأخيرتين : بأنه مع صحته وإعراض المشهور عنه يضعف الأصل العقلاني بالنسبة إلى جهة الصدور ، إلى حد لا يمكن التمسك به بنظر العقلاء.
إذا عرفت هذا كله ، فاعلم أن بناء المشهور على عدم العمل بالخبر الصحيح الظاهر هو على مقتضى القواعد ، وأنه ليس تقليدا للسلف ، ولا التزاما بتوجيه أقوالهم على كل حال ، وليس مبنيا على حسن الظن بهم ، وسوء الظن بالنفس ، بل هو مقتضى الأصول والقواعد.
واعلم أيضا أننا لو ألفنا كتابا في الفقه ، وافتينا بمضمون كل خبر صحيح ، وان أعرض عنه المشهور ، كان هذا الكتاب أشبه بفقه جديد بالنسبة لما بين أيدينا من فتاوى علمائنا العظماء ، وبشاعة هذا لا تقل عن بشاعة فقه المخالفين بالنسبة لفقهنا.
١٥ ـ قاعدة
في بيان عدم توهين الخبر
بالإعراض إذا كان ليس بواضح الدلالة
قاعدة في بيان عدم توهين الخبر الصحيح الذي ليس بواضح الدلالة بإعراضهم عنه ، والسر فيه أن إعراضهم والحال هذه ، لا يوجب وقوف أصالة الجهة بنظر العقلاء ، فتكون حينئذ جهة الصدور محرزة ، ولا يوجب قصور أدلة أصل الصدور عن شموله ، ولا سيما آية النبأ ، بل والإجماع والسيرة ، فإن ديدن المشهور على الأخذ بهذا الصنف ، مع التزامهم بنبذ سابقه
وقد يستدل له مضافا إلى ما مر ، بأن مدرك الاعراض حينئذ معلوم ، وهو فهمهم منها غير ما نفهمه ، أو دعوى إجماله ، وبعد وضوح الدلالة عندنا لا موجب للطرح ، ويكون حينئذ نظير الإجماع المدركي. ومن هذا النوع فتوى المشهور بأمر من الأمور ، اعتمادا على الجمع بين الأخبار ، تقديما لبعضها على