الامتناع ضررا على الآخر.
ومنها : ما لو طلب العبد من سيده عتقه أو تدبيره ، أو مكاتبته فامتنع المولى ، وكان في امتناعه ضرر على المملوك.
ومنها : ما لو وجد شخص مالا لغيره ، في عمران أو قفر ، وكان ترك حفظه يوجب ضررا على مالكه ، ومنها ، ومنها ، ...
وفي هذه الموارد لا يسوغ الاستدلال بحديث نفي الضرر لما مر من أن الحديث يرفع ما شرع ضرريا ، ولا يشرع ما يتدارك بتشريعه الضرر ، ومن أن لسانه لسان نفى لا إثبات ومن أن عدم الحكم ليس حكما ليكون محكوما له ، مضافا إلى أن فتح هذا الباب يستلزم تأسيس فقه جديد ـ والمسائل التي استدل لها غير الناضجين بلا ضرر ، هي الأولى والثانية والثالثة.
ولكن التحقيق فيها : أن منافع الحر لا تضمن ، لأن الحر لا يملك منافع نفسه (١) ولأنه أسمى من أن يدخل تحت الاستيلاء المالكي ، ولأن ما لا يضاف لا يضمن ولو كان مالا. فالإسلام دين كريم رفع مستوى الحر عن مستوى العبد ، وهو يعزر من حبس الحر ظلما ، ويجبر الزوج على المعاشرة بالمعروف.
وأما في مثل زماننا هذا الذي غلّت فيه أيدي أهل العدل وتنكست أعلام الحق ، فإن الشارع يبيح لها النشوز ، لأن المساكنة ، إنما تجب إذا كانت غير ضررية وإذا كانت غير مستلزمة لمحرم أهم. ولو ثبت ولاية للحاكم الشرعي على حفظ النظام الخاص والعام جاز له الطلاق عملا بهذه الولاية ، لا عملا بقاعدة نفي الضرر ، والله المسدد للصواب.
الجهة الثامنة : في بيان أنها لا تشمل الأحكام العدمية إذا كان تركها مضرا بالمكلف.
الأحكام العدمية إذا كان تركها ضرريا لا تكون مشمولة للحديث ، مثلا إذا لزم من ترك المحرم ضرر ، لا ينقلب المحرم مباحا. فلو لزم من ترك الزنا أو ترك وطء الحيوان أو ترك شرب الخمر ، أو ترك السرقة ، أو ترك القتل ، أو ترك
__________________
(١) وقد أوضحنا هذا في مكاسب الفقيه. المخطوط.