الأولى من المطلب ، من اصل البراءة ، ولا سيما قوله فيها : (وأما دعوى الخ ..) وقوله بعد ذلك (توضيح الاندفاع الخ ..) فإن فيه بلغة كافية وشاهدا على المقصود. وقد ظهر مما مر أنه لا منافاة بين الالتزام بكون وطء الزوجة اما واجب واما حرام واقعا ، وبين كونه في الظاهر مباحا. وهذا هو وجه دفع الشبهة التي وعدنا بها سابقا ـ (١) ـ
وقد ظهر أيضا أنه لا استحالة في جعل الحكم الظاهري ، المخالف للحكم الواقعي ، لعدم اجتماعهما في مرحلة الفعلية ، لأن امتثال الواقع متعذر ، حسب الفرض ، لأن المقام دائر بين محذورين ، فهو غير منجز ، فالحكم الظاهري هو الفعلي حينئذ لا غير.
وبهذا تندفع شبهة لزوم اجتماع الحكمين بالنسبة للمحذور الخطابي ، ويبقى المحذور الملاكي ، والحمد لله رب العلمين.
٥٠ ـ قاعدة
في بيان ضابط التزاحم وما يتعلق به
الكلام في التزاحم : يقع في ضابطه ، وشروطه ، ومرجحاته ، ومداركها.
ضابط التزاحم : التكليفان ، الفعليان المضيقان اللذان لا بدل لهما ، ولا لاحدهما ، الموجهان إلى مخاطب واحد ، لا تتسع قدرته إلا لاحدهما.
ولا فرق في ذلك ، بين التكليفين والتكاليف ، إذا كان المكلف لا يتمكن من الجميع ، ولا بين وجود الأمر وعلمه به ، بعد علمه بوجود المقتضي ، فإن ذلك كله مندرج في باب التزاحم.
فلو قدر : على إنقاذ الغريقين وجب ، ولا تزاحم. وكذلك لو قدر على انقاذ جميع الغرقى. ولو لم يقدر على انقاذ الجميع ، وقدر على إنقاذ بعضهم ، وجب إنقاذ العدد الذي يقدر عليه ، ويسقط العدد الذي يعجز عنه ، وحينئذ يقع التزاحم. كما لو قدر على إنقاذ واحد من اثنين ، أو اثنين من اكثر.
__________________
(١) في القاعدة ٢٢ ص ٥٨.