غاية الأمر أن الانبعاث والانزجار في المولويين يكونان معلولين لنفس الأمر والنهي ، فإنه يجب على العبد أن ينبعث أو ينزجر بحكم العقل ، وأن لم يعتقد بوجود المصلحة والمفسدة فيهما ، وذلك لاستقلال العقل بوجوب اطاعة المولى ، فرارا من العقوبة على تقدير المخالفة.
وأما في الارشاديين فإنهما يكونان معلولين للعلم بالمصلحة والمفسدة ، فأمر المولى عبده ونهيه يكون مولويا ، لأنه بنفسه يصلح للبعث والزجر ، لكن أمر الطبيب للملك ونهيه ، وهو أحد رعاياه ، بتناول شيء وترك آخر ، لا يصلح للبعث والزجر لأنه محكوم للملك ، والمحكوم لا يعاقب الحاكم ، مضافا إلى أن الأمر والنهي المولويين يكونان موضوعين للارشاديين كما في اوامر الاطاعة ، ولا عكس وبذلك يتضح أن الأمر الارشادي لا يستوجب الثواب والعقاب ، بخلاف الأمر المولوي.
ثم أن الأمر بطبعه ظاهر في المولوية إلى أن تقوم قرينة على أنه ارشادي ، فإنه حينئذ يحمل عليه ، والقرينة قد تكون مقامية ، كما هو الحال بالنسبة للطبيب والملك ، وقد تكون عقلية كما في أوامر الإطاعة ، وقد تكون بنحو آخر ، وسيتضح هذا في القاعدة الآتية.
١٢ ـ قاعدة
في بيان موارد الأمر الارشادي وانواعه
الأوامر الارشادية على انحاء اربعة حسبما نستحضره فعلا
الأول : أوامر الإطاعة ، ولا يعقل كونها مولوية للزوم التسلسل ، ولا يمكن أخذها في المأمور به الشرعي للزوم الدور ، ومن هذا القسم الأوامر الواردة بالايمان باصول الدين الأولية كالإيمان بالله تعالى ورسوله (ص).
الثاني : الأوامر الواردة في بيان أجزاء الماهيات المخترعة ، كالأوامر والنواهي المتعلقة في الصلاة ، فإنها إرشاد إلى الشرطية والجزئية والمانعية ، ولها ظهور ثانوي في ذلك ، ولا مانع عقلا من إرادة غيره.