لا فرق بين الحكومة والتخصيص نتيجة ، كما هو الحق. ومن ثم استفاد المشهور من : لا شك لكثير الشك ، وجوب المضي ، وأنه عزيمة ، خلافا للمحقق الثاني حسب ما اتخطره فعلا.
ثالثها : إنه ينبغي أن يقال بصحته من باب الترتب بناء عليه كما هو الحق. وفيه أنه مغالطة ، لأن مورد الترتب الضدان المتزاحمان ، وما نحن فيه ليس منه بالضرورة (١).
والمتحصل : إن ابتناء احكام الطهارات الضررية على حرمة الاضرار بالنفس والبدن اولى من ابتنائها على قاعدة نفي الضرر. اللهم إلا أن يستفاد من الحديث الحرمة التكليفية. ومثل هذه التمحلات ، وإن امكن دفع الشبهة بها ، وتوحيد انطباق القاعدة على مواردها المختلفة ، إلا أن مثلها لا يعتمد عليه في استنباط الاحكام لأن الاجتهاد الصحيح هو استنباط الاحكام ، من الادلة ، بطرق تنتهي إلى مرحلة الوضوح عند العلماء.
واما الصوم الضرري ففيه نصوص خاصة. والمتبع فيه ما يستفاد منها ، لا من حديث نفي الضرر. فابتناؤه ايضا على نصوصه اولى من ابتنائه على القاعدة (٢).
التنبيه الثاني : في أن مفاد حديث (لا ضرر) ، هل هو رخصة أو عزيمة.
وبعبارة ثانية : مفاده ، هل هو رفع المشروعية أو رفع الالزام فقط.
فإذا كان مفاده رفع المشروعية بطل الوضوء الضرري ، وإذا كان مفاده رفع الالزام صح وضوؤه لو تحمل الضرر وتوضأ. وظاهر القوم أنه عزيمة كما
__________________
(١) الملاكان محرزان في باب الضدين وليس هنا إلّا تكليف واحد محرز نشك في بقائه وزواله.
(٢) ففي رواية الزهري عن علي بن الحسين (ع) قال : فإن صام في السفر أو حال المرض ، فعليه القضاء ، وفي رواية عقبة بن خالد عن ابي عبد الله (ع) ما ينافيه وجمع بينهما بحمل الاولى على من يضره الصوم في المرض ويحمل الثانية على من لا يضره [١].