يلاحظ من فروع التنبيه الأول.
ولا يخفى أن حديث نفي الضرر يشبه أية نفي الحرج ، والمعروف فيها أنها رخصة لا عزيمة ، خلافا لما عن شيخ مشايخنا النائيني رحمهالله.
ولا ريب أن ظاهر الحديث والآية بدوا نفي اصل المشروعية. ولكن التحقيق الذي قربنا به مذهب المشهور في دليل نفي الحرج ، انه إذا كان مسببا عن الالزام كان هو المرفوع وحده. وإذا كان مسببا عن اصل المشروعية كانت هي المرفوعة. وينبغي أن يطرد هذا في حديث نفي الضرر ، ولا سيما وإن كلا منهما وارد مورد المنة والتوسعة ورفع المشروعية ينافيها ، لما فيه من الحرمان من اسباب الخير ، فتأمل ، ولما فيه من ايجاب اعادة الطهارة لو اقدم وتضرر بها ، واعادة ما صلاه بها كما مر في التنبيه الأول.
ويؤيد ما اخترناه ما صرح به في العروة الوثقى في الحج ، في آخر المسألة الرابعة والستين من بقية شرائط الاستطاعة ، قال ما لفظه : بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا إلى حد الحرمة إنما يرفعان الوجوب والالزام لا أصل الطلب. فإذا تحملهما وأتى بالمأمور به كفى ، انتهى ... وخالفه النائيني رحمهالله فصرح برفعها لأصل المشروعية وقال في اول كلامه : لم يعرف أن هذا الطلب ، المدعى ثبوته بعد رفع الوجوب استحبابي أو نوع آخر ، وكيف تولد من رفع الوجوب ما لم يكن له عين ولا أثر سابق الخ .... وحكى المصنف رحمهالله في هذه المسألة عن المشهور : إنه لو تحمل الحرج ، أو لم يبال بأمن السرب ، لم يجزه حجه. وحكى عن الدروس أنه يجزيه ما لم يبلغ الضرر حد الحرمة ، وقارن بعض المناسك .. هذا ولو أن شيخ مشايخنا النائيني رحمهالله استند إلى ظهور الادلة البدوي لكان اولى له. وتوضيحا لما اورده ايرادا ودفعا ننقل هنا ما حررناه قديما بحرفه.
إن قلت : إن رفع الالزام في التكليفيات بلا حرج ، وابقاء اصل المشروعية فيه محذور وارد على المشهور لا مفر منه ، فإن المشهور قائلون بأن لا حرج رخصة لا عزيمة ، ويلزمهم أحد لازمين لا يمكنهم الالتزام بشيء منهما ،