اللاحقة وكذا الحال في الدهن من حيث ذاته وآنيته وأحواله.
فإن قلت : يمكن أن يكون المعصوم استفاد قرينة ما من كلام السائل على واحدة من هذه الجهات ، والقرينة خفيت علينا ، فيكون مجملا.
قلت : نعم ، هذا الاحتمال موجود ، ولكن أهل العرف في مثل المقام يجرون أصالة عدم القرينة ، والشارع واحد منهم وقد أقرهم ، فيكون حجة لبناء العقلاء وتقرير الشارع.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا ينبغي الإشكال في جريان القاعدة في المثال الآنف ونظائره سواء أكان الفرد المسئول عنه قضية خارجية قد وقعت وتحققت ، أم كان مجرد فرض ، ولا ينبغي توهم اختصاصها بما إذا كانت مجرد فرض ، وينبغي التنبه لجهات لا تزال محل نظر ، والمرجع فيها سليقة الفقيه ، لأن المقام مقام استظهار والمدار فيه على الفهم.
وعلى كل حال ، فإنه ينبغي أن تكون جهة السؤال معلومة كما في المثال المتقدم ، أما إذا كانت غير معلومة فجريان القاعدة ممنوع ، ولا أقل من الشك ، فإن مبناها على جريان أصالة عدم القرينة ، ومتى شككنا في استقرار طريقة العقلاء أو في تقرير الشارع لهم امتنع جريان الأصل المذكور ، وبقي الاحتمال قائما ، فإنه لا رافع له. ومتى حصل الاحتمال تحقق الإجمال وبطل الاستدلال.
وأما الاحتمال المنفي شرعا ، فإنه وإن كان موجودا تكوينا ، إلا أنه لا يضر لأنه مسلوب الأثر شرعا ، مثال ذلك ما ورد في باب الجبائر من السؤال عن الجرح وقوله عليهالسلام : اغسل ما حوله .. فإننا لو ترددنا في جهة السؤال ، بين كون المانع من غسله هو تعذر كشفه لتضرره برفع الجبيرة أو تعذر غسله لتضرره بالغسل وإن أمكن كشفه. وبين كون المانع من غسله كونه مشتملا على نجاسة يتعذر زوالها سواء كان مغطى وأمكن كشفه ، أو كان مكشوفا من أول الأمر. ويدور الأمر حينئذ بين كون الحكم واردا على الجرح المكشوف أو المغطى. فإن القاعدة لا تجرى في هذا المثال ، لأنا لم نحرز جهة السؤال ، ولأنا نعلم أن الجرح ليس هو العلة المقتضية لغسل ما حوله بل العلة المقتضية مرددة