تقديم نفسه للجزار ، ليقطع يده أو أذنه ، ولا ينبغي الريب في أنه يتخير في الأموال ، لإطلاق قاعدة السلطنة ، ويجب اختيار الأخف في الجوارح ، بناء على حرمة الاضرار بالنفس والبدن كما هو الظاهر.
ومنها : ما إذا كان دفع الضرر عن نفسه أو عرضه أو ماله ، يستوجب الاضرار بغيره ، وله أمثلة كثيرة ، ربما تختلف أحكامها باختلافها ، وأصول هذه الأمثلة ثلاثة :
أولها : أن يكون الضرر واردا من قبل فاعل مختار ، كاللصوص والغزاة والعدو الذي يقصده أو يقصد أهل بلده أو ملّته أو عائلته.
ثانيها : أن يكون واردا من قبل الحيوانات ، كالسباع المفترسة والأفاعي السامة ، والحشرات الضارة كالجراد والفئران.
ثالثها : أن يكون من قبيل النار والسيل ، وأن يكون دفعه عما يتعلق به موجبا لتوجهه إلى غيره أو إلى أملاك غيره.
إذا عرفت هذا فاعلم : أن الأمر في جميع هذه الموارد يدور بين وجوب تحمله الضرر ليدفعه عن غيره ، وبين جواز دفعه عن نفسه وإن تضرر غيره به ..
ومقتضى الأصل عند الشك في ذلك هو البراءة ، ونتيجته إباحة الدفع ، سواء احتمل تضرر غيره به أو ظنه أو اعتقده ، وهو أيضا مقتضى إطلاق ما ورد من الحث على دفع اللص ومحاربته ، وعلى حفظ المال والدفاع عنه ، حتى اشتهر على ألسنة الناس قوله (ص) : من مات دون عقال بعير من ماله مات شهيدا. وفي معناه ما ورد عن أحد الباقرين (ع) : قال : رسول الله (ص) : من قتل دون ماله مات شهيدا. وقال : لو كنت أنا لتركت ولم أقاتل ونحوها غيرها (١).
__________________
(١) الوسائل م ١٨ ب ١ من أبواب الدفاع ص ٥٨٧ وب ٤ منها والوسائل ايضا م ١٩ ب ٦ من أبواب الضمان ص ١٧٧ وب ٢٣ ـ ٢٥ ـ ٢٧ من أبواب القصاص في النفس ، ومن هذه النصوص ، والنصوص الواردة في جناية الدابة المرسلة. يمكن استفادة شيء ، يتعلق فيما نحن فيه ولو بالأولوية.