ارتفعت بلا ضرر ، فلا نسلم أن ذلك يستلزم جعل سلطنة لصاحب الزرع عليها ، لأنه مسلط على زرعه ، وليس مسلطا على أرض الناس ، ولأن لا ضرر ترفع ولا تضع ، ودعوى ثبوت الملازمة بين ارتفاع سلطنة صاحب الأرض ، وبين ثبوت السلطنة عليها لصاحب الزرع مفتقرة إلى الدليل ، ودعوى إمكان استفادة ذلك من حديث نفي الضرر في غاية البعد لأن لسانه لسان رفع وليس لسان وضع.
وعلى هذا تكون النتيجة أنه لا طريق لنا لاستباحة إبقاء الزرع في الأرض ، بل المرجع أصالة حرمة التصرف في هذه الأرض بدون إذن المالك أو إذن الشارع ، ولا شيء من ذلك هنا كما أوضحناه آنفا ثم : إنه لو فرض أن سلطنة صاحب الزرع على زرعه تستوجب سلطنة على أرض غيره إذا كان ذلك الزرع فيها تكون هذه السلطنة مضرة بصاحب الأرض وتكون مرفوعة بلا ضرر ، وبعد فرض رفع سلطنة كل من صاحب الزرع ، وصاحب الأرض ، يصبح المرجع في المقام أصالة حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه ، ولا ريب أن إبقاء الزرع في الأرض ، في هذا الحال تصرف فيها بدون إذن مالكها ، ويتفرع على هذا وجوب إخلائها من الزرع ، ومتى أخليت أصبح صاحب الأرض مسلطا على أرضه ، لوجود المقتضى ، وفقد المانع ، ومع امتناع صاحب الأرض من إخلائها يتولاه الحاكم الشرعي.
هذا : وقد عرفت أنا في غنى عن هذا كله لأن لا ضرر لا ترفع السلطنة الضررية التي يتولد من رفعها ضرر على صاحب السلطنة لأن ذلك خلاف المنة كما هو الحال بالنسبة لصاحب الأرض ، أن صاحب الزرع لا سلطنة له على الأرض بوجه من الوجوه وأنه إنما هو مسلط على زرعه لا غير ، وأن سلطنته على زرعه لا تستلزم سلطنة على أرض غيره.
وأما كون المورد ليس من باب التعارض ، فلأن مورد التعارض الدليلان ، وهنا ليس إلا دليل واحد يمتنع انطباقه على كلا الموردين معا. ولو