الأول : كون الأصول متعارضة للعلم بمخالفة أحدها أو كلها للواقع.
وفيه : إنها غير متعارضة لما مر في الأمر الخامس من عدم لزوم المخالفة العملية ، ولما مر في الأمر التاسع والعاشر من عدم لزوم المخالفة الالتزامية لعدم ثبوت وجوبها من أصلها أو عدم ثبوت وجوبها في غير مورد العلم التفصيلي بالأحكام ، أو لعدم ثبوت وجوبها على نحو ينافي جريان الأصول ، فيمكن الالتزام بأن حكمها الواقعي إما الوجوب وإما الحرمة ، وحكمها الظاهري الاباحة مثلا أو غيرها.
الثاني : منافاته لدليل التكليف ، وفيه أن دليل التكليف يدعو للعمل بمقتضاه والمفروض أن العمل بمقتضاه متعذر في الأمثلة المذكورة ، فالمخالفة العملية إذن متعذرة وأما من حيث المخالفة الالتزامية ، فلا يعقل أن يتعرض لها دليل التكليف لما مر في ثاني الأمور وثالثها للزوم الدور ، فأين مخالفة دليل التكليف. وهل هذا إلا مغالطة.
الثالث : لزوم منافاة الحكم الظاهري للواقعي منافاة تفصيلية ، كما في الأمثلة السابقة أو إجمالية كما في توضأ بمائع مشتبه بين الطاهر والنجس ، فإنه يستصحب طهارة أعضائه وبقاء حدثه ، ولا يمكن الجمع بينهما في هذا الحال .. وفيه إن وجه الجمع بينهما في غير هذا الحال هو وجه الجمع بينهما فيه ، وقد مرت الاشارة إليه في الأمر الثاني ..
الرابع : إن الارتكاز العرفي يأباه ، وإن كان البرهان لا يمنعه.
الخامس : إن فتوى الفقيه بالتخيير في مثل هذا المورد ، فتوى بما يعلم أنه مخالف للواقع ، وهو تشريع ظاهر. وفيه إن التخيير في مثله عقلي لا شرعي وإن فتوى الفقيه بمضمونه بمنزلة إعلام المكلف به ، وليس إنشاء حكم شرعي ليكون تشريعا.
السادس : إن الحكم في الظاهر بما يخالف الواقع فيه مخالفة التزامية ، وفيه أنه مصادرة ، وأنه لا ينافي الالتزام بالواقع على ما هو عليه ، مضافا إلى ما