هو محل الكلام. فإن تصديق الرسل واجب وتكذيبهم كفر بالضرورة ، ولكن عدم عقد القلب على حكم الواقعة ليس تكذيبا. وبالجملة لا ملازمة بين عدم الالتزام والتكذيب.
ويمكن الاستدلال لعدم الوجوب بأمور
منها : إن المحكم في باب الاطاعة والعصيان هو العقل ، وهو يستقل باستحقاق العبد للثواب ، وبعدم استحقاقه للعقاب بمجرد امتثاله أمر مولاه ، وإن لم يكن ملتزما والوجدان أكبر شاهد. نعم ، الملتزم أعلى درجة عند مولاه ، ولكن هذا غير ما نحن فيه.
ومنها : الأصل إذا كان وجوبه شرعيا.
ومنها : إنه لو وجب ، لكان للممتثل الملتزم ثوابان ، وللمخالف غير الملتزم عقابان ولكان للملتزم بلا امتثال ثواب وعليه عقاب ، وللممتثل غير الملتزم ثواب وعليه عقاب ، ولو ثبت هذا لتكرر ذكره في الأخبار الاخلاقية ، ولأكثر الوعاظ من نشره وبيانه كما هو الحال فيما دون هذه المسألة العامة الابتلاء.
ومن هذا يتضح إنه إذا علمنا بحكم تفصيلا وجب الالتزام به كذلك على تقدير وجوب الالتزام ، وإذا علمنا به إجمالا وجب الالتزام به كذلك. أما الالتزام بأحدهما مخيرا فلا دليل عليه ، وتعيين الالتزام بأحدهما فيه محذور المخالفة الاحتمالية كما إن الالتزام بالمردد التزام بما لا يصدر عن الشارع.
إذا عرفت هذا كله يتضح لك إنه إذا دار أمر الشيء بين كونه واجبا أو حراما ، سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية ، وسواء كان منشأ الشك فقدان النص أو تعارضه أو إجماله ، يمكن ثبوتا الرجوع للأصول الموضوعية والحكمية ، وإن علمنا بعدم موافقة أحدهما للواقع إذا لم تستلزم مخالفة عملية ، فنقول بإباحته ظاهرا أو بالتخيير مثلا ، لو كان هناك دليل يقتضيه ، أو بالوقف أو بترجيح جانب الحرمة أو الوجوب لو ثبت المرجح ولا نتصور مانعا من ذلك إلا أحد أمور.