أو نقول بالاباحة أو بالتخيير ، كما في مثال الزوجة فلو أجرى اصالة عدم الحلف على الوطء ، وعلى تركه ، لم يلزم من ذلك مخالفة عملية ، فإنه في الواقع لا ينفك عن الفعل أو الترك ، وجريان الأصلين لا يزيد على ذلك. وكذلك لو أجرى الأصول الحكمية ، أعني عدم الوجوب أو عدم الحرمة أو البراءة منهما.
إذا عرفت هذا علمت أنه لا مانع من جريان الأصول في مثل الفرض لعدم المحذور ، لأن المخالفة العملية لما كانت متعذرة كانت داعوية التكليف إلى متعلقه ساقطة ، فيكون جريان الأصول لا محذور فيه ، لأنه لا ينافي دليل التكليف ، فلا يكون مستلزما للمخالفة العملية. ولكن إذا قلنا بوجوب الموافقة الالتزامية أو بحرمة المخالفة الالتزامية ، فهل يكون ذلك موجبا لوقوف هذه الأصول أولا. احتمالان.
ربما نقول بها ومع ذلك نجريها فنلتزم بأنه في الواقع أما واجب وأما حرام ، وإنه في الظاهر مباح. وربما نقول بسقوطها ، ويكون التخيير حينئذ عقليا ويكون غير مأخوذ من نتيجة الأصول ، فلا نقول أنه مباح ، ولا نقول بالتخيير الشرعي. أما إذا قلنا بعدم وجوب الموافقة الالتزامية مطلقا ، وقلنا بوجوبها بالنسبة للأحكام المعلومة بالتفصيل دون ما عداها ، فإنه حينئذ لا مانع من جريانها في المقام أصلا.
عاشرها : يمكن الاستدلال لوجوب الالتزام بأن عدم الالتزام مساوق لتكذيب الرسل.
وفيه : إنه إن رجع إليه التزمنا بوجوبه فرارا عن هذا اللازم الباطل ، وإلا فلا.
والظاهر إن القول بعدم وجوب الالتزام تفصيلا ، لا ينافي وجوب تصديق النبي (ص) ، وحرمة تكذيبه ، فإن المراد من وجوب الالتزام وجوبه تفصيلا ، والمراد من وجوب التصديق وجوبه إجمالا ، ولا ملازمة بينهما.
وبالجملة : الالتزام المساوق للتصديق بالانبياء واجب ، وأما ما هو أكثر منه فلا دليل عليه ، والتكذيب عملا غير حاصل ، واعتقادا بالمعنى المطلوب هنا