ويتفرع على هذا أمور.
منها : وجوب القضاء على النائم والناسي بل والمغمى عليه ، بناء على القول به لأنهم مكلفون ، ولأن هذه الحالات انما تمنع عن فعلية التكليف وتنجزه ، لا عن اصل التكليف ، فإن اصل التكليف ثابت ولا قبح فيه. نعم البعث الفعلي ممتنع لعجزهم وقصورهم في هذه الحالات ، ومن اجل ثبوت المقتضي في حقهم ، وتحقق إرادة المولى ثبت عليهم القضاء.
ومن المعلوم أن القضاء فرع الفوت. ومن البديهي أن الفوت لا يصدق في غير حق المكلف عرفا. وبعد وضوح ما ذكرناه يظهر أنه لا حاجة لاثبات امكان تكليفهم من طريق الخطاب بلازم حالاتهم ، فإنه تمحل وتكلف ، ونحن في واقع الأمر في غنى عنه.
ومنها : تكليف الجاهل الملتفت ، وثبوت القضاء عليه ، والعقاب على نفس المكلف به ، فإن العلم شرط في تنجز التكليف لا في ملاكه ، لما مر آنفا من وجود التكليف ، وحصول الإرادة في نفس المولى.
ومنها : إن التزاحم في باب المتزاحمين انما يمنع عن فعلية التكليف ، ولا يرفع ملاكه. ومن ثم لو عصى الأهم وأتى بالمهم ، يمكن القول بصحته إذا كان عبادة ، هذا ما حضرنا فعلا.
وأما القدرة الشرعية فالمتبع فيها سعة وضيقا الدليل الشرعي. ولكنها إذا اخذت في لسان الدليل حملت على القدرة العرفية. واطلاقها بنظر العرف قرينة على شرطيتها في الملاك ، ومن اوضح امثلتها الحج.
ثم انه مما يلحق بهذا الباب باب الاضطرار. فإن الاحكام التي يجوز مخالفتها للاضطرار صنفان.
الأول : الأحكام الاضطرارية المنصوصة ، المسماة بالاحكام الواقعية الثانوية ومنها تحليل المحرمات المنصوصة بقوله سبحانه (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) .. ٢ ـ ١٧٣ والظاهر أنها مباحة واقعا في حال