وقال : " لا ضرر ولا ضرار" وقال : " إذا أرّفت الأُرف وحدَّت الحدود فلا شفعة"» ، إذن من البعيد جدّاً أن الذي قطّع الحديث جاء بهذه الجملة ووضعها قبل قوله «إذا أرّفت الأرف ...» التي هي قيد للقضاء بالشفعة ، مع أن التسلسل الطبيعي يقتضي أن لا يذكر القضاء الآخر إلّا بعد استكمال القضاء الأوّل. فلو لم تكن هذه الجملة من شؤون القضاء بالشفعة لما استحسن ذكرها بين هاتين الجملتين. وهذا يجعل لها ظهوراً في أنها متعلّقة بالشفعة ، لا أنها قضاء مستقل.
وثالثاً : حرص الكليني في «الكافي» على ذكر هذه الجملة منضمّة إلى الشفعة وحرمة منع فضل الماء ، وهذا لا وجه له إلّا إذا كان الأمر في نفسه كذلك ، فلم يشأ التفكيك بينهما ، وإلّا كان من المناسب بعد أن عقد باباً مستقلا باسم باب الضرار أن يذكر هذه الجملة كقضاء مستقلّ كما في غيره من الموارد. فربْط هذه الجملة بالشفعة لا وجه له ، إلّا إذا كان الترابط قائماً بينهما في أصل الرواية.
والحاصل أن ظهور هذه الجملة في التعليل والذيلية محفوظ حتى لو بنينا على أن تمام هذه الروايات هي رواية واحدة ، وقطّعها الأصحاب ، ولا يمكن
دعوى أن هذا الظهور نشأ من التقطيع محضاً ، بحيث لولاه لانهدم.
الدعوى الثانية : أنه حتى لو سلّمنا للقرائن التي ذكرت أن الحديث ظاهر في التعليل والذيلية ، إلّا أنه لا بد أن يرفع اليد عنه باعتبار وجود معارض أقوى ، وهو شهادة عبادة بأن هذه الجملة لم تكن ذيلاً وتعليلاً ، وإلّا لنقلها كذلك.
هذه الدعوى غير تامّة أيضاً ؛ وذلك :