وثانياً : لو سلّما وجود مثل هذا القضاء المستقل ، فإنه يمكن أن يقال : إن «لا ضرر ولا ضرار» وردت كقضاء مستقل تارة وكتعليل لقضاء آخر كالشفعة مثلاً أخرى ، وعقبة نقل الثاني دون الأوّل ، ولا غرابة فيه ، لأنّ عقبة إذا كان في مقام استقصاء تمام أقضية النبي (صلىاللهعليهوآله) لكان لهذا الاستغراب مجال ، إلا أنه لم يعلم ذلك بوجه ، خصوصاً إنه لم يذكر عنه في مجموع كتبنا وطرقنا إلّا ما يقارب الثلث من أقضية النبي (صلىاللهعليهوآله) المنقولة في رواية عبادة الذي قبِل هذان العلمان روايته. فهذا بنفسه يكون مبعّداً لأن يكون عقبة في مقام استقصاء تمام أقضية النبي (صلىاللهعليهوآله) ، إذ لعل هذا من جملة ما لم ينقله لنا ؛ مضافاً إلى أن الذي شجّعه على عدم النقل أنه ذكر القاعدة بعنوان الذيل في بعض الأقضية ، فلا يرى مسؤولية في نقلها بعنوان مستقل أيضاً.
الثانية : أن «لا ضرر ولا ضرار» لو كان تعليلاً لقضاء النبي (صلىاللهعليهوآله) بالشفعة ، فما يكون تعليلاً إنّما هو نفي الضرر ، أما نفي الضرار بالمعنى الذي سوف يأتي منه (قدسسره) فليس مرتبطاً بباب الشفعة. إذن فالفقرة الثانية لا دخل لها في التعليل ، فكيف يمكن أن يقال : إن هذه الجملة وردت في مقام التعليل؟
هذا الكلام غير تام أيضاً ؛ لأن الجملة الثانية وإن لم يكن لها دخل في تشريع الشفعة ، إلا أن ذكرها لا يتوقف على ذلك ، بل يكفي أن يكون بينها وبين الجزء الأول مناسبة تقتضي ذكرها وإن كان التعليل بالجزء الأول فقط ، خصوصاً إذا التفتنا أن من المحتمل أن يكون الغرض من إلقاء هذه الجملة بمجموع جزئيها أن تصاغ صياغة قانونية بنحو تكون شعاراً ورمزاً لقانون معهود في