الحرج الذي يقع فيه الإنسان قد يكون ناشئاً من وهم وخيال من دون أي واقع خارجي يؤدّي إليه. أما الضرر فهو يختلف عنهما. فاختلافه عن النقص لأنه مطعّم بالناحية النفسية ، وعن الحرج لأنه مطعّم بالناحية الموضوعية. فالضرر ليس هو النقص مطلقاً ولا الحرج مطلقاً ، لذا قد يصدق النقص ولا يصدق الضرر ، كما أنه ليس مساوقاً مع الضيق والشدّة بحيث كلما صدق هذا صدق الضرر ، لأنه يصح أن يقال : إنه ضيّق الصدر بلا سبب ، ولكن لا يصحّ أنه متضرّر بلا سبب. فمن نظر إلى الجانب الموضوعي فسّر الضرر بالنقص ، ومن نظر إلى الجانب الذاتي فسّره بسوء الحال والشدّة والضيق.
والحاصل أن الضرر عبارة عن النقص في حيثية من الحيثيات العائدة إلى الإنسان ، مما يكون مؤدياً إلى الشدّة والضيق وإلى نوعٍ من سوء الحال. ولا يشترط أن يكون سوء الحال مؤثراً بالفعل ، بل أن يكون بحيث يؤدّي بحسب شأنه وطبعه إلى ذلك ؛ لذا يصدق الضرر حتى مع عدم علم المتضرّر ، فيقال : وقع عليه الضرر ، إذا سرقت أملاكه ، وإن لم يعلم بعد. فالضيق لم يتحقّق بالفعل ولكن من شأنه ذلك.
وهذا معناه أن الضيق مستبطن بنحو الشأنية في مفهوم الضرر لا بنحو الفعلية. وعلى هذا الأساس تخرج مراتب النقص التي لا تستبطن هذا الضيق ، ولا يصدق عليه أنه ضرر وإن كان نقصاً ، فالتاجر الذي تلف منه درهم لا يصدق عليه أنه تضرّر وإن كان نقصاً. وقد يختلف النقص الواحد باختلاف الموارد ، فقد يكون في بعضها ضرراً وقد لا يكون ، باعتبار ما يترتّب عليه من سوء الحال أو لا يترتّب. إذن فالضرر ليس مجرّد النقص حتى يساوقه ، بل هو يستبطن بعداً نفسيّاً لا بد أن يلحظ حدوده في مقام صدقه.