القسم الثاني : إقامة البرهان على عدم كون باب المفاعلة بين الاثنين ، وهو مبني على فهم المحقق الأصفهاني لكلام المشهور حيث قال : إن المشهور فرّقوا بين باب المفاعلة وباب التفاعل ، بأنه مع اشتراكهما في وجود نسبتين فيهما معاً ، إلا أنه في الأول إحداهما أصلية والأخرى تبعيّة ، وفي الثاني كلتاهما عرضية كما تقدّم. فاعترض على هذا البيان بقوله : كيف يتصوّر أن تكون الهيئة في باب المفاعلة أو باب التفاعل دالة على نسبتين ، سواء كانت طولية أو عرضية؟ فإن كلّ هيئة ولفظ إنما يوضع لمعنىً واحد لا لمعنيين ، فكما أن اللفظ الواحد لا يستعمل إلّا في معنىً واحد ، كذلك الهيئة الواحدة لا تُستعمل إلّا في نسبة واحدة.
ثم قال في توضيح هذه النسبة : توجد هنا بحسب الواقع الخارجي نسبتان : نسبة الضرب إلى زيد ونسبته إلى عمرو ، وهما نسبتان متغايرتان بحسب الخارج ، لكن يمكن ملاحظة مجموع هذين الضربين شيئاً واحداً يُضاف بنسبة واحدة إلى الاثنين ، بحيث يكون الاثنان طرفي هذه النسبة الواحدة ، لا أن كلّاً منهما يكون طرفاً لنسبة مغايرة للنسبة التي يكون الآخر طرفاً لها. إذن فباب التفاعل كتضارب زيد وعمرو موضوع لهذه النسبة الواحدة المتحصّلة
__________________
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ) و (يُراؤُنَ) و (وَنادَيْناهُ) و (نافَقُوا) و (شَاقُّوا) و (مَسْجِداً ضِراراً) و (لا تُؤاخِذْنِي) إلى غير ذلك.
ومن الاستعمالات ، عاجَلَةُ العقوبة ، وبارزه بالحرب ، وباشر الحرب ، وساعده التوفيق ، وخالع المرأة ، وواراه في الأرض ، فإن جميع ذلك بين ما لا يراد منه ذلك». نهاية الدراية ، ج ٤ ، ص ٤٣٧.