فعْل الاثنين ، فكأنّ الأوضاع الأخرى لاحظ فيها الواضع الوضع الأول ، فأصبح ذاك هو الأصل وهذا الفرع ، كما يقال في الاستعمال المجازي أنه لوحظت العلاقة بينه وبين المعنى الحقيقي ، فأصبح ذاك هو الأصل وهذا الفرع.
وهذه النكتة عبارة عن التجاوز ، لأن النسبة التي يدلّ عليها «ضارب» موضوعة لفعل الاثنين ، أي أنها تتجاوز عن حدّ فاعلها وتذهب إلى شخص آخر هو عمرو مثلاً الذي شارك الفاعل في الضاربية. وهذه النكتة موجودة بشكل أو بآخر في جميع موارد استعمال هيئة «فاعَل» حتى تلك التي لا تكون فعْل الاثنين ، إلّا أنها تمتد إلى شخص آخر ، فكأنه يشابه «ضارب وقاتل» من هذه الناحية ، ف «سافر» مثلاً بمعنى السفر الطويل الممتد كما يقول بعض علماء الصرف.
فإن قلت : لماذا لا يقال : إن هيئة «فاعَل» موضوعة لهذه النكتة المشتركة بين جميع الموارد؟
قلت : لا يمكن أن تكون كذلك ، لأن هذه النكتة ليست مشتركة إلا بنحو المفهوم الاسمي ، وهو مفهوم الامتداد والتجاوز والإطالة ، وإلا فمناشئ انتزاع هذه النكتة في كل مورد تتمثّل في نسبة مباينة ذاتاً مع النسبة التي تمثلها في المورد الآخر ، لأنها معانٍ حرفيّة ، وهي متباينة ذاتاً كما هو محقّق في محله.
والإنصاف أن هذه الدعوى قريبة ، فيكون ما يقوله المشهور متطابقاً مع الوجدان والارتكاز العرفي ، وهو أن الأصل في باب المفاعلة أن يكون من فعْل الاثنين ، وتمام الموارد التي استعملت فيها هذه الهيئة لوحظت فيها نكتة ولو بنحو المعنى الاسمي مقرّبة لها إلى فعْل الاثنين. لكن الكلام في توجيهه فنّياً