وهذا الذي ذكرناه أحسن حالاً من الالتزام بأن «فاعَل» موضوعة لنسبتين طوليتين كما فهم المحقّق الأصفهاني من كلام المشهور ، فإنه يلزم منه دلالة الدالّ الواحد كما تقدّم على معنيين ، بخلافه على ما حققناه فإنه توجد دوالّ ثلاثة لها معانٍ ثلاثة ، فيكون إرادتها من باب تعدّد الدالّ والمدلول.
كما أن هذا خير من أن يقال : إن هيئة «فاعَل» موضوعة لنفس النسبة التي يفترض أنها مدلول هيئة «تفاعَل» لأنه يلزم منه عدم الفرق بين البابين ، وهو خلاف الوجدان. إذن فالفرق على ما بيّناه هو في سنخ تحصيص مدلول المادّة ، إذ أن مدلولها في «فاعَل وتفاعَل» حُصّص وأُريد به العملية بتمامها ، لكن المائز هو في سنخ ملاحظة هذه العملية ، فإنه في باب «فاعَلَ» لوحظت بنحو يكون ذات الفاعل واحداً وتابعاً له ، فتبدأ من هنا وتنتهي إلى هناك. ف «ضرْب» الثاني يكون من تبعات «ضرْب» الأوّل. أما في باب «تفاعَل» فقد لوحظت العملية ذات فاعلين ، ولوحظ الضرْبان جزئين في عرض واحد ، لا بنحو الأصالة والتبعية ، وهذا يفسّر ما يقوله المشهور من الأصالة والتبعية في الأول والعرضية في الثاني.
من هنا كانت العملية في «تفاعَل» لائقة بفاعلين في عرض واحد ، أما في «فاعَل» فيكتفى بفاعل واحد لأن جزءها الثاني لوحظ بما هو تابع للجزء الأوّل. وهذا أيضاً أولى من أن يقال : إن «فاعَلَ» تنحلّ إلى دالّين لا أكثر ، أحدهما المادّة الموضوعة للحدث ، والآخر هيئة «فاعَلَ» وهي موضوعة للنسبة المجرّدة بقيد التشريك ، بالنحو الذي بيّناه في الاعتراض على المحقّق الأصفهاني.
وكذلك هذا الذي قلناه أولى ممّا ذكرناه سابقاً من أن هيئة «فاعَل» موضوعة للنسبة التي فيها نحو من الامتداد والتجاوز ، لأن التجاوز بمفهومه