أن يفرض له ما بإزاء في الخارج وصورة تصديقية خارجية على طبقه ، لأن الشريعة عبارة عن أحكام تقتضي الجري على طبقها بحسب الواقع الخارجي. ولكن تارة يكون ما بإزائه قابلاً للدخول فيه وأخرى لا يكون كذلك. فمثلاً : حينما نتصور الإسلام كشريعة لا معنى لأن نقول إن الصلاة داخلة فيه ؛ لأن الشريعة لوح الأحكام ، وليست الصلاة حكماً بل هي فعْل ، فلا مجال لأن يقال : الصلاة في الإسلام ، بل لا بد من فرض عناية وهي الاستسلام الكامل أمام قوانين الإسلام ، عندها تكون الصلاة والصدقة ونحوهما داخلة فيه. وبمقدار دخول الشيء في الصورة الخارجية المطابقة للإسلام ، ينسب هذا الدخول بنحو من العناية إلى الإسلام نفسه أيضاً ، فكلما كان دخوله في تلك الصورة ألصق ، يكون نسبته إلى الإسلام أوضح.
من هنا نعرف أن هذا الوجود الاستساغي مقول بالتشكيك ؛ لأن وجود الواجب كصلاة الظهر في هذه الصورة ألصق من وجود الصدقة والقنوت وشرب الماء. فمراتب الاستساغة مختلفة باختلاف الواجب والمستحب والمباح. وباختلاف هذه المراتب تختلف نسبة الوجود الاستساغي إلى الإسلام. وهذه العناية هي التي تخلق في الارتكاز العرفي تصوّر هذا الوجود الاستساغي في المقام.
على هذا الأساس حينما نقول : «لا رهبانية في الإسلام» فمرادنا نفي هذا النحو من الوجود ، فيرتب عليه نفي الحكم الشرعي. ومقتضى إطلاق نفي الوجود الاستساغي هو نفي تمام مراتب الاستساغة من الوجوب والاستحباب والكراهة.
ولهذا يصحّ أن ينفى بهذا اللسان بعض هذه المراتب مع التصريح ببقاء