والجواب : أن «لا ربا» وإن كان مصبُّ النفي فيه هو عنوان الربا ، إلّا أن الربا له نحوان من الثبوت ؛ ثبوت بمفاد كان التامة وهو وجوده في الخارج ، وثبوت بنحو كان الناقصة وهو ثبوته لمعاملة من المعاملات. فلو جمدنا على حاقّ اللفظ لقلنا : إن ظاهر نفي الربا هو نفي الثبوت الأول ، أي وجوده بين الوالد وولده ، فيكون النفي بسيطاً. لكن هنا قرينة تدلّ على أن النفي بلحاظ كان الناقصة ، والدالّ عليها هو الارتكاز ، حيث يفهم من خلال مناسبات الحكم والموضوع أن الشارع لا يريد بقوله «لا ربا بين الوالد وولده» عدم صدق الزيادة على هذا النحو من المعاملة ، بل يريد بيان أن هذه المعاملة بحسب الحقيقة لا زيادة فيها ، من باب أن كيس الوالد والولد وأموالهما واحد. وهذه القرينة تجعل النفي تركيبياً ، أي أن الزيادة الواقعة بينهما ليست زيادة حقيقية. ومن ثم نحمل المورد الذي لا يوجد فيه مثل هذا الارتكاز ، نحمله على النفي البسيط ، كما في قوله : «التائب من ذنبه كمن لا ذنب له» فإن الارتكاز فيه على العكس ، لأن العرف يفهم أن الشارع يريد أن يبيّن أن التائب من الذنب كأنّه لم يصدر منه ذنب ، لا أن ذنبه ليس بذنب ؛ ولهذا يكون النفي بسيطاً لا محالة ، لا تركيبياً.
أما في «لا ضرر» فإن النبي (صلىاللهعليهوآله) لو فُرض أنه قال من أول الأمر «لا وضوء ضرري» لكان يجري فيه ما قلناه في «لا ربا بين الوالد وولده» من دون فرق بينهما أصلاً ، لكن مصبّ النفي في المدلول الاستعمالي واللفظي لحديثه (صلىاللهعليهوآله) هو الضرر. وإنّما قلنا إنه أُريد به الوضوء لأنه وقع مصداقاً لهذا العنوان. فلا بد أن يكون المراد سنخ نفي بحيث يمكن أن يضاف إلى عنوان نفي الضرر أيضاً ، لا سنخ نفي غير مرتبط