وجوبه شرعاً ، كما ستتضح نكتته بعد ذلك.
وهنا أيضاً كما في الصورتين السابقتين ، تارة نعمل العناية المتقدّمة وأخرى لا نعملها.
فإن فرض أننا لم نعمل تلك العناية ، فالمنفي لساناً هو عنوان الضرر بلحاظ وجوده الخارجي ؛ وحينئذ إن كان النفي كنائياً وكان المراد جدّاً ليس هو إفادة نفي الضرر ، بل إفادة ملزوم ذلك وهو الحرمة من قبيل قولنا : «لا خروج بعد الغروب» ، و «لا جدال في الحج» ونحو ذلك ، حيث يكون المقصود الكناية والاستطراق من المدلول الاستعمالي إلى ملزوم ذلك المدلول وهو الحرمة ، فهذا بعينه ينطبق على أحد الوجهين وهما الثالث والرابع من الوجوه الأربعة التي خرّجنا على أساسها الاتجاه الفقهي الثالث ، فإن النفي هنا إن كان إنشائياً كنائياً فهو الوجه الثالث ، وإن كان أخبارياً كنائياً فهو الوجه الرابع. أما إذا فرض أنه لم يكن كنائياً بل حقيقياً ، بمعنى أن المولى يريد حقيقة إفادة نفي الضرر ، فلكي يكون هذا النفي صحيحاً لا بد من تقييد الضرر بنحو من الأنحاء ، كأن نقول : الضرر الناشئ من الشريعة ، أو الضرر بلحاظ النظر التشريعي ونحوهما.
وهذه هي النظرية الثانية من النظريات الثلاث التي خرّجنا على أساسها الاتجاه الفقهي الأوّل. وعلى كلا التقديرين لا يكون نفي الحكم في المقام بلسان نفي الموضوع.
أما إذا أعملنا العناية المتقدّمة ، وقلنا إن «لا ضرر» بمعنى لا وضوء ضرري ولكن بلحاظ وجوده الخارجي ، فهنا من الممكن أن يقال : إن هذا النفي وإن كان للموضوع ، ولكن يراد به نفي الوجوب ، وذلك بعناية أن الوضوء