بالنحو الذي تقدّم في الوجه الثاني من الوجوه التي خرّجنا عليها الاتجاه الفقهي الثالث وهو حرمة الضرر.
لكن هل يمكن أن نستنتج بناءً على هذا التخريج الاتجاه الفقهي الأوّل أيضاً ، وهو نفي الحكم المؤدّي إلى الضرر أم لا؟
الصحيح إمكان ذلك ، لأن المنفيّ بناءً على هذا الوجه هو الوجود الاستساغي للضرر بما هو ، وهذا الوجود يمكن أن يفرض بنحوين من الثبوت في الشريعة ، فتارة يكون له وجود فيها من باب أن الشريعة ترخّص فيه أو تأمر به ، وأخرى يكون له وجود فيها من باب أنها تشرّع قانوناً يؤدّي إلى الضرر. وقد قلنا فيما سبق أن الوجود الاستساغي عبارة أخرى عن الوجود في الصورة الخارجية المطابقة للقانون. فكل ما هو موجود في هذه الصورة يضاف إلى نفس القانون بالعرض ، وفي المقام كما يوجد في الصورة الضرر حينما يرخّص القانون فيه ، كذلك يوجد فيها الضرر حينما يشرع المشرّع قانوناً يؤدّي إلى الضرر. فمقتضى إطلاق نفي الوجود الاستساغي هو نفي كلا المطلبين. وبتعبير آخر : فإن الضرر تارة ينشأ من ناحية إباحة القانون ، وأخرى من ناحية أن القانون بنفسه يوقع الإنسان في الضرر ، فكلاهما وجود استساغي للضرر منفيّ بمقتضى الإطلاق.
والحاصل : إذا كان النفي منصبّاً على الضرر بما هو ، ولم نعمل العناية المتقدّمة من الميرزا ، وكان المنفيّ هو الوجود الاستساغي له ، أمكننا أن نخرّج الاتجاهين الثالث والأوّل معاً.
الثالث : أن يكون نفي الحكم بلسان نفي الموضوع بلحاظ وجوده الخارجي ، بعناية أن عدم وجود شيء في الخارج إنما هو من تبعات عدم