المتلف لكان تضييعاً لهذا الحق.
من هنا يتضح منشأ المشكلات التي وجدت في تطبيقات القاعدة ، حيث حسب بعضٌ أن حال هذه القاعدة حال سائر القواعد التي يستنبط منها أحكام تأسيسية ، من دون حاجة إلى بذل أي عناية في الرتبة السابقة. والمحقّق العراقي (قدسسره) الذي أدرك بذهنه الوقّاد أن هذه القاعدة تحتاج إلى متمّم ، وليست حالها حال غيرها من القواعد ، ادّعى أن هذه القاعدة معرّف ومشير إلى قواعد أخرى ثابتة في المرتبة السابقة لذا لم يستدلّ بها الفقهاء أصلاً غير الشيخ الأعظم (قدسسره) ومن ثم ذهب إلى أن «لا ضرر» مجرّد جمع بين قواعد أخرى سابقة ، كما أشرنا في حديث مسعدة.
إلّا أن التحقيق أن «لا ضرر» لا تحتاج أحياناً إلى بذل عناية في المرتبة السابقة لجريانها ، كاستنباط عدم وجوب الوضوء الضرري ، وأخرى تحتاج إلى ذلك بالقدر الذي بيّناه ، فتكون «لا ضرر» حينئذٍ قاعدة إمضائية لذلك الارتكاز ، فيثبت الضمان بهذه القاعدة لا بقواعد أخرى.
على هذا الأساس نأتي إلى تطبيقات القاعدة في كلمات النبي (صلىاللهعليهوآله) فمثلاً يمكن أن يقال في تطبيق «لا ضرر» على قضائه (صلىاللهعليهوآله) بالشفعة ، أنه لم يكن بلحاظ تلك الإضرار الخارجية التي تترتّب على عدم هذا الحق أحياناً ، من حيث إن الشريك يبيع حصته على شخص ثالث مشاكس قد يضر بالشريك الآخر ، ليس من هذا الباب حتى يقال إن هذا الضرر اتفاقي نادر ، وهو قد يحصل من سائر المعاملات الأخرى أيضاً. فلا يمكن الاعتناء بمثل ذلك ، بل الضرر الناشئ في المقام إنما هو من هدر حق الشفعة الذي يقوم على أساس ارتكاز عقلائي باستحقاق الشريك لهذا الحق ،