الضررين.
والجواب : أما في القصاص ، فلا بد أن يكون التعارض بلحاظ الجمع بين الضرر الخارجي والضرر العقلائي ، وذلك لأن القصاص ضرر بالنسبة إلى القاتل لأنه يقتل ، أما عدم القصاص فتصوير الضرر فيه لا بد أن يكون بلحاظ الضرر العقلائي ، لأنه بالنسبة إلى الميت لا يشكّل عدم القصاص ضرراً عليه ، وكذلك بالنسبة إلى ولي الدم. إذن فليس هناك ضرر إلّا في طول ارتكاز عقلائي مفاده أن لولي الدم حقَّ القصاص ، حينئذ لو لم يُجعل القصاص لكان ذلك تضييعاً لحق ولي الدم ، فيكون ضرراً عليه لا محالة بهذا اللحاظ.
وكذلك في باب الضمان ، فإن الضررين معاً بلحاظ ارتكاز عقلائي ، لا أنه ضرر خارجي حقيقي.
توضيحه : لو لم يجعل الضمان لكان ضرراً على المضمون له باعتبار ثبوت ارتكاز عقلائي بالتعويض في المرتبة السابقة ، فيصدق في طول هذا الارتكاز أن عدم الضمان ضرر عليه. أما أن الضمان ضرر على الضامن ، فلأنه يعني اشتغال ذمة الضامن ببذل هذا المال. ومن الواضح أن اشتغال ذمة الإنسان حتى في قبال من أتلف ماله ، ينافي تسلّط الإنسان على ذمته. وإن شئت قل : يعدّ نقصاً في براءة الذمة التي هي أمر اعتباري. وإنما يكون هذا النقص ضرراً بلحاظ ثبوت حقّ مرتكز لدى العقلاء ببراءة الذمة.
من هنا يتضح أن المقام ليس من تعارض الضررين ، لأن العقلاء إما أن يفترضوا الحق والسلطنة للضامن على ذمته ، فعند ذلك لا يحكمون بالضمان ، وإما أن يقولوا بثبوت الحق للمضمون له في البدل ، فلا يحكمون ببراءة ذمة المتلف. إذن لا يمكن الجمع بين ارتكازية الحكم بالضمان ، مع ارتكازية براءة