التقريب الأول : أن المعاملة الغبنية تولّد ضرراً ماليّاً بالنسبة إلى المغبون ،
فتجري القاعدة لرفع ذلك الضرر من خلال نفي اللزوم وإثبات الخيار.
وهذا الوجه هو محطّ أنظار المحقّقين في المقام. وقد أشكل عليه بعدّة إشكالات :
الإشكال الأول : أن يقال لماذا نقتصر في مقام تطبيق القاعدة على نفي خصوص الحكم باللزوم ، ولا يتوسع لنفي أصل الحكم بالصحة ، وذلك لأن الضرر المالي ناشئ من صحّة المعاملة أيضاً لا لزومها فقط ، بل المنشأ الأول لحصول النقص في مال المغبون هو الحكم بالصحة ، أما لزوم المعاملة وجوازها فهو فرع صحتها. ومع نفيها وإثبات بطلانها بالقاعدة لا تنتهي النوبة إلى ما يتفرّع عليها ؛ وبذلك يرتفع موضوع الخيار في المقام (١).
وقد أُجيب عن هذا الإشكال في كلمات الأعلام بعدّة وجوه :
الوجه الأول : ما ذكره المحقّق الأصفهاني (قدسسره) وحاصله : أن المتحقّق هو فرد واحد من الضرر ، وهو النقص المالي الحاصل حين العقد والمستمر بعد ذلك. وهذا الفرد حدوثه يستند إلى الحكم بالصحة ، وبقاؤه إلى ما بعد فسخ المغبون إلى الحكم باللزوم ، لأنه لو لم تكن المعاملة لازمة لما بقي هذا النقص المالي. وعلى هذا الأساس فلو خلّينا نحن والقاعدة لنفينا هذا الفرد الواحد بحدوثه وبقائه ، وبذلك ينفى الحكم بالصحة فضلاً عن اللزوم كما قيل
__________________
(١) حاشية كتاب المكاسب ، للمحقق البارع الفقيه الكبير الحاج الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني (قدّس سره) ، منشورات مجمع الذخائر الإسلامية قم ، إيران ، ج ٢ ، ص ٥٣ ، وكذلك : ج ٤ ، ص ٢٤٣ ، تحقيق الشيخ عباس محمد آل سباع القطيفي.