الضرري ، لكن من خلال «الضرر» الذي هو عنوان ثانوي قابل للانطباق على منشإِه ، ومن الواضح أن هذا العنوان الثبوتي ، تارة ينطبق على جعل الحكم وأخرى على عدم جعله.
إذن فما هو مأخوذ في مصبّ النفي عنوان وجودي قابل لأن ينطبق على جعل الحكم وعلى عدم جعله ، فليس المقام من موارد نفي النفي حتى يقال : إن هذا مما لا تستسيغه الأذهان العرفية.
الوجه الثالث : الاستناد إلى كلمة «في الإسلام» الواردة في بعض صيغ الحديث ، بتقريب أن الإسلام هو عبارة عن مجموعة الأحكام التي جاء بها النبي الأكرم (صلىاللهعليهوآله) من عند الله تعالى ، فيكون مصبّ النفي تلك الأحكام ، ومن المعلوم أن العدم ليس ممّا جاء به النبي (صلىاللهعليهوآله) فليس هو من الإسلام ، فلا يكون مشمولاً للقاعدة.
هذا الوجه أيضاً غير تام وذلك أوّلاً : أن كلمة «في الإسلام» غير ثابتة في الصيغة المعتبرة لهذا الحديث. وثانياً : أن الإسلام عبارة عن مجموعة الحدود والمواقف الشرعية التي فرضها الله تعالى للناس في حياتهم ، ومن الواضح أن ذلك لا يختص بخصوص الأحكام الوجودية ، بل يشمل العدمية أيضاً ، فتكون جميعاً داخلة في الإسلام بما هو دين ، والتعدي عنها خروج عن زي العبودية لله تعالى. من هنا فلا يمكن أن تكون هذه الكلمة قرينة على تخصيص المنفي بخصوص الأحكام الوجودية المجعولة للشارع.
وهكذا يتضح عدم تمامية الوجوه التي ذكرت لنفي الإطلاق في القاعدة وإثبات القصور الذاتي فيها ، خصوصاً على المسلك المختار في تفسيرها. وإنما الصحيح تمامية الإطلاق للحديث بالنسبة إلى الأحكام العدمية أيضاً.