ثم إن ما ذكرناه هو الصحيح في إبطال دعوى القصور الذاتي وعدم الإطلاق في القاعدة ، لا ما تكلّفه بعض (١) بأن الاعدام أيضاً مجعولة للشارع بنحو من العناية ولو بقرينة قوله «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٢) لأنه لم يرد عنوان الحكم في مفاد الحديث حتى نحتاج إلى عناية لتصحيح انطباق هذا العنوان على الأعدام أيضاً. وكذلك لا حاجة إلى دعوى أن الأعدام ترجع بحسب الحقيقة إلى أحكام وجودية ، ببيان : أن الترخيص عرفاً وبالمسامحة حكم وجودي أيضاً وإن كان بالدقة عدميا ، لأنه عدم
__________________
(١) قال السيد الخوئي (قدسسره) في الدراسات : «إن عدم جعل الحكم في موضع قابل للمحل بمنزلة جعل العدم ، ولا سيما مع ورود قوله (عليهالسلام) : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» فإنه بمنزلة التصريح بجعل عدم التكليف فيما لم يجعل فيه تكليف ، وعلى ذلك فلا مانع من شمول نفي الضرر للأحكام العدمية أيضاً.
وإن شئت قلت : كما أن ثبوت بعض الأحكام من الإسلام ، فينتفي عند كونه ضرريّاً. كذلك عدم الحكم في بعض الموارد يكون من الإسلام ، فينتفي عند كونه ضرريّاً». دراسات في علم الأصول ، ج ٣ ، ص ٥٢٨.
وقريب منه ما في مصباح الأصول ، إلا أن أضاف : «هذا من حيث الكبرى ، إلا أن الصغرى لهذه الكبرى غير متحققة ، فإنا لم نجد مورداً ، كان فيه عدم الحكم ضرريّاً ، حتى محكم برقعه وبثبوت الحكم بقاعدة «لا ضرر».
مصباح الأصول ، السيد محمد سرور الواعظ الحسيني البهسودي ، مطبعة النجف سنة ١٣٨٦ ه. ج ٢ ، ص ٥٦٠.
(٢) جامع أحاديث الشيعة ، الباب الثامن من أبواب المقدّمات ، الحديث ٨ ، ج ١ ص ٣٢٦.