نستطيع أن نشخّص نقيضه الذي أخذ في موضوع وجوب الغسل. فترتيب البحث من الناحية الفنية يستلزم تشخيص القيد المأخوذ في موضوع «لا ضرر» ، ومن خلاله سوف نقف على أنه هل يوجد إقدام في المسألة محل الكلام أم لا؟
النقطة الرابعة : في تحقيق القيد المأخوذ في موضوع القاعدة ، والمتصوّر بدواً احتمالات ثلاثة :
الأوّل : أن يكون القيد المأخوذ هو عدم الإقدام الثابت بالفعل لولا القاعدة وبقطع النظر عنها ، وعلى هذا فالقاعدة تنفي كل ضرر يكون عدم الإقدام عليه ثابتاً قبل ورودها.
بتعبير آخر : إن المأخوذ في القاعدة هو عدم الإقدام بنحو القضية الشرطية ، وشرطها عدم القاعدة. فلو طبّقنا هذا التصوّر على محل الكلام ، لوجدنا أن عدم الإقدام غير موجود ، بل الموجود تحقّق الإقدام ، لأن المفروض أنه أقدم على الجنابة عامداً عالماً بترتّب وجوب الغسل عليه ، وأنه يتضرّر بهذا الغسل ، فيكون قد أقدم على الضرر. فالشرط المأخوذ في موضوع القاعدة لو كان هو عدم الإقدام على تقدير أن لا تكون القاعدة ، فهذه القضية الشرطية غير صادقة في المقام ، لأنه لا يصح أن يقال : لولا القاعدة لم يكن إقدام ، بل لولا القاعدة فالإقدام حاصل بالفعل ، فتكون الشرطية كاذبة ، ومعه يجب الغسل على المجنب متعمّداً ، بقطع النظر عمّا سنذكره بعد ذلك.
الثاني : أن يفرض أن المأخوذ في موضوع القاعدة هو عدم الإقدام الثابت بالفعل ، لا بنحو القضية الشرطية ، بل بنحو القضية التنجيزية ولو من ناحية نفس القاعدة. فإن عدم الإقدام ، تارة يكون ثابتاً في نفسه بالفعل ، سواء