فرض لا واقع له في لسان الشرع ، لأنه خلاف ظاهر حال المولى بما هو مولى ومشرّع ، وعلى هذا لا يمكن حمل الأدلّة الموسّعة أو المضيّقة للموضوع على هذا المعنى. من هنا إذا ورد في لسانه «لا ربا بين الوالد وولده» فلا يمكن حمله على المرحلة اللغوية ، أي بما هو مستعمل ومتصرّف في المداليل اللغوية والاستعمالية ، وإنما ظاهره النظر إلى المرحلة المولوية ، أي نفي الربا من حيث إنه حرام ، لأن هذا هو مقتضى ظهور الحال في المولوية والتشريع.
النحو الثاني : الحكومة بلحاظ المرحلة التشريعية.
وهو أن يكون الدليل الحاكم ناظراً إلى مفاد الدليل المحكوم بلحاظ عالم التشريع ، أي عند ما يقول «لا ربا بين الوالد وولده» لا يريد أن يتكلّم عن نفسه بما هو مستعمل للألفاظ في معانيها ، وإنما هو بصدد بيان نظره بما هو مشرع ومقنّن. في مثل ذلك يكون الدليل المحكوم قد انعقد له إطلاق في نفسه ، يقتضي الشمول للمعاملة الواقعة بين الأب وابنه أيضاً ، لأنها مصداق للربا حتى بحسب النظر الإنشائي للشارع بما هو مستعمل. ثم يأتي الدليل الحاكم لنفي هذا الحكم. ولا فرق بين أن يكون بلسان الحكومة على عقد الوضع أو عقد الحمل ، لأن كل ذلك تفنّن في العبارة ، فيقع التعارض بين ظهورهما حقيقة.
ولكن مع هذا يقدّم الحاكم على المحكوم ، وذلك تطبيقاً لكبرى تقديم القرينة على ذي القرينة ، فإن ظهور القرينة دائماً يقدّم على ذيها ، سواء كانت متصلة أو منفصلة. نعم إذا كانت متصلة بذي القرينة فإنها تهدم أصل الظهور في ذيها ، وهذا له مصداقان ، المخصص والحاكم ، بخلاف ما إذا كانت منفصلة فليس له إلّا مصداق واحد وهو الحاكم.