كان نظره إنشائياً في مقام تشخيص ما ينطبق عليه اللفظ سعة وضيقاً من قبيل الطريقة السكاكية ، فهذا النظر لا بد من أتباعه ، لأنه في الحقيقة تصرّف في المدلول الاستعمالي للكلام ، وعلى هذا يحق له أن يعتبر زيداً العالم ليس بعالم.
وهذا التصرّف في المدلول الاستعمالي ، تارة يفرض أنه يقدم عليه قرينة عامة ، كالارتكازات العرفية التي تكشف عن المدلول الاستعمالي للكلام ، لأن المتكلم فرد من العرف ، فمن باب أصالة عرفيته واتباعه للعرف في باب استعمال الألفاظ في معانيها ، يحمل كلامه على هذا النظر الإنشائي الخاص. وأخرى يفرض أنه ينصب قرينة خاصة على نظره الإنشائي ، كأن يصرّح بذلك ويقول : «لا ربا بين الوالد وولده» ، حينئذٍ يكون معنى قول الشارع (حَرَّمَ الرِّبا) أنه حرّم كل معاملة ينطبق عليها عنوان الربا بحسب نظره الإنشائي المنكشف بقرينة خاصة شخصية. وهذا كالدليل الحاكم ، فإنه يكون رافعاً لموضوع الدليل المحكوم حقيقة ، لأن موضوعه عبارة عمّا يكون ربا بالنظر الإنشائي للمستعمل ، فيرجع إلى قضية شرطية حاصلها :
إن كانت هذه المعاملة ربا بنظره الإنشائي فهي حرام. والدليل الحاكم يدل حقيقة على انتفاء الشرط ، لذا لا تعارض بين الدليلين. فإذا تمّ هذا الأمر يلتزم بانتفاء تمام الأحكام التي ترد في لسان الشارع للربا ، لأن المفروض أن الشارع لم يعتبر هذا الفرد داخلاً في حريم اللفظ من خلال ذلك التصرّف الإنشائي. فمتى ما استعمل الربا مثلاً وعلّق عليه أي حكم من الأحكام الشرعية ، فإنه لا يكون شاملاً لذلك الفرد الذي أخرجه الدليل الحاكم ، لأنه خارج عن المدلول الاستعمالي له.
إلّا أن هذا النحو من الحكومة وإن كان معقولاً في نفسه ، لكن هو مجرّد