رواها عنهم جماعة بعد جماعة (١) حتّى وصلت إلى المحمّدين الثلاثة رضي الله عنهم ومعاصريهم ، وكتبهم مشحونة منها من دون طعن منهم ، نعم ربما يطعن بعضهم لوجود معارض أقوى من باب الترجيحات الاجتهاديّة ؛ فظهر أنّ قول الفضل بن شاذان إنّه من الكذّابين المشهورين (٢) ، ليس على ظاهره عنده ، ولعلّ مراده أنّه كذلك على المشهور ؛ وقول كش : وقد روى عنه الفضل. إلى قوله : وغيرهم من العدول والثقات وأهل العلم (٣) ، يشير إلى أنّه غير راضٍ بالطعن ، بل هذا يدلّ على وثاقته ، ويعضده إكثار المشايخ من الرواية عنه ، وكون رواياته سديدة مقبولة مفتى بها متلقّاة بالقبول ، مع أنّ الأخبار المرويّة عنه في الكافي وتوحيد ابن بابويه وغيرهما الدالّة على عدم غلوّه وصحّة عقيدته من الكثرة بمكان (٤).
أقول : إنّ الناس في أمثال هذه الأزمان بَنَوا أمرهم على تقديم الجرح على التعديل بناء على اعتلالهم العليل ، سيّما إذا طرق إسماعهم لفظ الشهرة ، فضعّفوا جملة من الأخبار وأسقطوا كثيراً من الأخبار عن درجة الاعتبار ، وأنت إذا أمعنت النظر تجد الشهرة المدّعاة هنا لا أصل لها أصلاً ولا حقيقة لها مطلقاً ، أليس أساطين هذا الفنّ الشيخ والنجاشي والمفيد والكشّي والعلاّمة والفضل بن شاذان وهؤلاء بأجمعهم كلماتهم فيه مختلفة ، فأمّا الشيخ فبعد تضعيفه في ضا (٥) شهد بفضله وجلالته في الغيبة (٦) ،
__________________
(١) بعد جماعة ، لم ترد في نسخة « ش ».
(٢) رجال الكشّي : ٥٠٧ / ٩٧٩.
(٣) رجال الكشّي : ٥٠٧ / ٩٨٠.
(٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢٩٧.
(٥) رجال الشيخ : ٣٨٦ / ٧.
(٦) الغيبة : ٣٤٨ / ٣٠٣.